المقام الثاني - أعني مرحلة الاثبات -:
وقد نسب صاحب الفصول الاستدلال على دعواه، وهي اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة، بأنه الاشكال في صحة منع المولى عن جميع مقدمات الواجب غير التي يترتب عليها الواجب، فيصرح بتحريم المقدمة غير الموصلة، فإنه يكشف عن عدم تعلق الوجوب بها، وإلا لامتنع عنها، فإنه من باب اجتماع المتضادين (1).
وأورد عليه صاحب الكفاية بوجهين:
الأول: وهو يتكفل منع دلالته على المدعى. وذلك ببيان: ان الملازمة المدعاة لا تكون علة تامة لتعلق الوجوب الغيري بالمقدمة، وانما هي مؤثرة بنحو الاقتضاء، وفعلية تأثيرها تتوقف على عدم وجود المانع، فإذا كان هناك مانع من تعلق الوجوب الغيري كتعلق الحرمة بالمقدمة، فلا يثبت الوجوب لها، فمانعية المنع لا تكشف عن اختصاص الوجوب الغيري بالموصلة، إذ تعلق الوجوب بغيرها يمكن أن يكون لاجل وجود المانع لا لعدم المقتضي.
الثاني: وهو يتكفل نفي الاستدلال وبيان عدم امكان المنع عن المقدمة غير الموصلة للزوم المحذور من جهتين:
الأولى: انه يلزم أن لا تتحقق مخالفة للواجب في تركه، وذلك لان وجوب الواجب معلق على القدرة عليه، والقدرة عليه بالقدرة على مقدماته. ومن الواضح أنه كما تعتبر القدرة على المقدمات عقلا تعتبر القدرة عليها شرعا، بان لا تكون ممنوعا عنها ومحرمة شرعا، وإلا كانت غير مقدورة، فإذا فرض المنع عن المقدمة غير الموصلة واختصاص الجواز بالموصلة، كان تحقق القدرة على المقدمة شرعا منوطا باتيان الواجب، فمع عدم الاتيان به كانت المقدمة محرمة لأنها غير موصلة،