ولا يخفى ان هذا المعنى الذي ذكره السيد الخوئي مما يلتفت إليه من له قليل علم فضلا عن مثل المحقق النائيني (قدس سره)، اذن فما هو الوجه في اجراءه البراءة في التقيد مع أنه طرف العلم الاجمالي؟.
والإجابة عن هذا السؤال هي: ان المحقق النائيني يذهب إلى إنحلال العلم الاجمالي المزبور، وعدم امكان اجراء البراءة في أحد البراءة في أحد الطرفين، فتكون البراءة في الآخر بلا معارض. بيان ذلك: ان وجوب الوضوء معلوم على كل حال نفسيا كان أو غيريا فهو لا يكون مجرى البراءة، ووجوب التقيد محتمل، فيكون مجرى البراءة، لان أصل البراءة فيه بلا معارض بعد أن امتنع جريانه في طرف الوضوء.
وعلى هذا فتمامية ما ذكره السيد الخوئي تتوقف على مقدمتين:
المقدمة الأولى: هو الالتزام بعدم جريان أصل البراءة في الوجوب الغيري، باعتبار أنه ليس من المجعولات الشرعية، بل هو من الأمور اللازمة للوجوب النفسي، فهو كالأمور التكوينية غير قابل للوضع ولا للرفع، فلا معنى لاجراء البراءة الشرعية فيه. فالوجوب القابل لجريان البراءة هو الوجوب النفسي لأنه حكم مجعول قابل للرفع والجعل.
وعليه، فتكون البراءة من وجوب التقيد معارضة بمثلها، لجريان البراءة من الوجوب النفسي لأنه مشكوك، واما أصل الوجوب فهو ليس بموضوع البراءة على تقديريه - كما هو المفروض -، وما هو موضوع البراءة مشكوك وهو الوجوب النفسي، فجريان البراءة فيه يعارض جريانها في وجوب التقيد.
المقدمة الثانية: انه قد يقال - في تقريب مدعى النائيني -: بان لزوم الوضوء واستحقاق العقاب على تركه معلوم على كل حال، اما على تركه بنفسه لو كان واجبا نفسيا، أو على ترك الواجب النفسي المقيد به لو كان واجبا غيريا، فلا يكون العقاب عليه عقابا بدون بيان، بخلاف التقيد فإنه لا يعلم لزومه ولا