محذور فيه ويثبت به الوجوب النفسي، فما أفاده صاحب الكفاية في جهة التمسك بالاطلاق مما لا محيص عنه.
وبالجملة: في الواجب النفسي جهتان:
إحداهما: كونه منبعثا عن حسن نفسه، أولا عن غيره.
ثانيتهما: كونه ثابتا على جميع التقادير وفي جميع الأحوال، ولا يمكن التمسك بالاطلاق من الجهة الأولى، لأنها قيد زائد تحتاج إلى بيان وان كان عدميا، لان ما لا يحتاج إلى البيان الزائد هو عدم القيد لا التقيد بالعدم، فان التقيد بالعدم كالتقيد بالوجود قسيم الاطلاق وينفى به. نعم يمكن التمسك بالاطلاق من الجهة الثانية، وبها يثبت الوجوب النفسي، واليها نظر صاحب الكفاية في كلامه، فما أفاده متجه.
واما الثاني: فقد اتضحت الخدشة فيه، لأنه متفرع على تمامية الأول، فبعد ان عرفت أن موضوع الاطلاق لا يرتبط بداعي الوجوب، بل بثبوت الوجوب مطلقا، لا يبقى مجال لدعوى أن التقييد بالغيرية بهذا المعنى - أي بمعنى الانبعاث عن داع غير الواجب - لا يتنافى مع الجزئية الحقيقية، إذ الاطلاق لا يثبت النفسية من هذه الجهة كي يدعى عدم منافاتها للجزئية الحقيقية، والبحث أجنبي عنها.
واما الثالث: فلان موضوع التقييد بالداعي وما هو من قبيلة مما كان في مرحلة سابقة عن وجود الشئ أو لا حقة له، اما ان يفرض المفهوم أو المصداق.
فان فرض المفهوم فاستلزامه لتضييق دائرته أمر بديهي غير قابل للانكار، فان المفهوم بعد تقييده بداع خاص يتحدد صدقه على الافراد وتتضيق دائرة انطباقه، فمفهوم الاحتراق - مثلا - ينطبق على كل فرد من افراده، فإذا قيد بما كان ناشئا عن السبب الخاص كالنار تضيقت دائرة صدقه فلا ينطبق حينئذ على ما حصل من الكهرباء. وان فرض المصداق، فهو غير قابل للتضييق، كما هو المفروض،