المقام الثاني في دوران التكليف بين التعييني والتخييري والمراد التخيير الشرعي الراجع إلى أخذ خصوصية كل من أطراف التخيير في المكلف به شرعا، كما في الكفارة المخيرة، لا التخيير العقلي، الراجع إلى التكليف شرعا بالماهية، المقتضي لتخيير العقل بين أفرادها، لعدم الفرق بينها في تحصيل الغرض، لان الكلام في ذلك قد سبق في المسألة الثانية من المقام الأول.
وينبغي التمهيد لمحل الكلام بأمور..
الأول: أن التخيير..
تارة: يكون في الحكم الواقعي في مقام الجعل والتشريع، لقصور الملاك عن اقتضاء كل طرف معينا، كالتخيير في خصال الكفارة.
وأخرى: يكون في الحكم الواقعي، لكن في مقام الامتثال، للتزاحم بين التكليفين، المقتضي لتعيين الأهم منهما، والتخيير بينهما مع عدم الأهمية.
وثالثة: يكون في الحكم الظاهري، كالتخيير بين الحجج في مقام التعارض لو فرض قيام الدليل عليه.
ومحل الكلام هو الأول، لمناسبته لباب الأقل والأكثر الارتباطيين، الذي فرض فيه الشك في اعتبار خصوصية في المكلف به بنحو لا يعلم بالامتثال وتحقق شئ من الغرض الا مع المحافظة عليها، فما هو المتيقن في مقام الامتثال لا يعلم بأخذه في مقام الجعل.