ذكرناه.
وهناك بعض الوجوه الأخرى للاستصحاب لا ينبغي إطالة الكلام فيها بعد وضوح إشكالها.
وأما على الثاني - وهو القول بعدم جريان البراءة العقلية ولزوم الاحتياط - فقد عرفت أن منشأه إما العلم الاجمالي المدعى، أو قاعدة الاشتغال بالأقل المتيقن، للشك في الفراغ عنه بدون الزائد، أو لزوم إحراز غرض المولى.
والظاهر امتناع جريان البراءة الشرعية على جميع الوجوه المذكورة.
أما على الأول، فلان مبنى منجزية العلم الاجمالي المذكور أحد أمرين..
الأول: ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من أن العلم بوجوب الأقل لنفسه أو في ضمن الأكثر لا يصلح لحل العلم الاجمالي، لتوقف منجزيته على كل حال على تنجز الأكثر، فلا تكون مانعة من تنجزه.
الثاني: ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أن العلم بوجوب الأقل لما كان بنحو الاهمال مرددا بين لا بشرط وبشرط شئ فهو عين العلم الاجمالي، وليس علما آخر صالحا لحله.
ولا يخفى أن أدلة البراءة من الأكثر لما لم تنهض بتعيين حال وجوب الأقل المعلوم، وأنه لنفسه وبنحو اللابشرط، لا في ضمن الأكثر وبشرط شئ، فهي لا تنفع في سقوط العلم الاجمالي عن المنجزية.
من دون فرق بين القول بوجوب موافقة العلم الاجمالي القطعية لذاته والقول بوجوبها لتعارض الأصول.
لان أصالة البراءة من وجوب الأقل إنما لا تجري ولا تعارض أصالة البراءة من وجوب الأكثر إذا كان وجوب الأقل المردد بين الوجهين صالحا للعمل بنفسه، ليكون العلم به صالحا لتنجيزه على كل حال ورافعا لموضوع الأصل فيه.