في رد احتمال الخير: (وقد عرفت أن عدم العمل بكلا الاستصحابين ليس خالفة لدليل الاستصحاب سوغها العجز، لأنه نقض اليقين بالمقين، فلم يخرج من عموم: (لا تنقض) عنوان ينطبق على الواحد التخيير)، فإنه صريح في أن عدم جريان الاستصحاب فيهما لتحقق اليقين الرافع له، لا لقصور عموم دليل الاستصحاب عن شمول الشك المفروض فيهما.
وكيف كان، فيندفع الوجه بأن المستفاد من أخبار قاعدة الحل كون الرافع للحل الظاهري هو العلم بالتكليف المنافي للشك فيه، فالعلم الاجمالي وإن نهض برفع الحل بالإضافة إلى الواحد المردد على ما هو عليه من الابهام والترديد بين الأطراف، لعدم الشك فيه، إلا أنه لا ينهض برفعه بالإضافة إلى كل طرف بخصوصيته بعد فرض الشك فيه.
كما أن ظاهر أخبار الاستصحاب وجوب نقض اليقين باليقين المنافي له، ولا يتنافى اليقينان إلا مع اتحاد متعلقهما، لا مع اختلافه ولو بالاجمال والتفصيل، كما اعترف قدس سره بذلك في الجملة في رد القول العاشر من أقوال الاستصحاب.
الثالث: أنه لما كان العلم واليقين في أدلة الأصول يعم العلم الاجمالي، فالعلم الاجمالي وإن لم يناف الشك - الذي هو موضوع الأصل - في كل طرف بخصوصه، وإنما ينافيه في الامر المردد على إجماله، إلا أن عموم موضوع الأصل لأطراف العلم الاجمالي مستلزم للتناقض بين التعبدين، وهما التعبد بمؤدى الأصل في كل من الطرفين بلحاظ حصول الشك فيه، والتعبد بمقتضى العلم الرافع للأصل في المعلوم بالاجمال على إجماله، للتناقض بين مفادي الموجبة الكلية والسالبة الجزئية، فيمتنع التعبد بهما معا، ويتعين البناء على قصور الأصول عن شمول الأطراف دفعا لذلك، ولا طريق مع ذلك لاحراز تحقق موضوع الأصول ذاتا في الأطراف.
ولعل هذا الوجه هو الظاهر من كلامه قدس سره المتقدم في الاستصحاب.