إضافة الفعل إليه وحسابه عليه، كان مولويا واقتضى تأكد الداعي العقلي للاحتياط من حيث كونه انقيادا للواقع المحتمل وطاعة للامر بالاحتياط المعلوم، كما أنه يقتضي شدة الثواب لتأكد الجهة المقتضية له. فتأمل.
ولعل منه ما ورد في كراهة مساورة الحائض المتهمة، وكراهة كسب الغلام، لأنه إن لم يجد سرق، وكراهة كسب الجارية لأنها إن لم تجد زنت.
هذا، والتأمل في نصوص الاحتياط المذكورة يشهد بالأول، لظهورها في أهمية الواقع بنحو يقتضي اهتمام المكلف به، كما هو مقتضى التعليل بعدم الوقوع في الهلكة، لا بنحو يهتم الشارع بحفظه فيكون ملاكا لتشريع الاحتياط مولويا. فليس الاحتياط مرغوبا للشارع تبعا لاهتمامه بالواقع، بل مما ينبغي للمكلف تبعا لأهمية الواقع في حقه.
إن قلت: حكم العقل بحسن الانقياد ليس كأمر الشارع بالاحتياط، لكشف الثاني عن أهمية الواقع.
قلت: هذا لا يستلزم كون حفظ الواقع ملاكا يهتم الشارع به، ليستلزم المولوية، وإنما يكشف عن أهمية الواقع في حق المكلف، الموجب لتأكد حسن الانقياد به عقلا. نظير ما في بعض الأدلة الشرعية من بيان أهمية بعض التكاليف الموجبة لتأكد حكم العقل بإطاعتها من دون أن تقتضي الامر المولوي بها.
وبعبارة أخرى: ظاهر الامر بالاحتياط - سواء كان وجوبيا، كما يقوله الأخباريون، أم استحبابيا كما يقوله غيرهم - ليس إلا حكما طريقيا لاحراز الواقع كاشفا عن أهمية الواقع في حق المكلف، من دون أن يقتضى حكما نفسيا في قباله موضوعا للإطاعة والمعصية ومنشأ للعقاب والثواب.
غايته أنه إن كان وجوبيا كان مستلزما لتنجز الواقع، وصار الواقع به موضوعا لوجوب الإطاعة عقلا، وإن كان استحبابيا كان إرشادا لحكم العقل