لا بمعنى صيرورته حصصا منقسما متجزئا، كما يوهمه لفظ الحصص، بل بمعنى كون كل فرد تمام حقيقة الانسان، فإنها لا تأبى الكثرة في وعاء الخارج، والعقل بعد التخلية والتجريد يراها بنعت الوحدة، لكن وعاء تحققها بالوحدة هو الذهن، فللماهية نشأة خارجية هي نشأة الكثرة المحضة، ونشأة عقلية بعد التجريد هي نشأة الوحدة الذاتية أو النوعية أو السنخية، وهذا مراد من قال: إن الطبيعي مع الافراد كالآباء مع الأولاد، وما زعمه رحمه الله هو عين القول بكونه كالأب مع الأولاد، ولازمه الوحدة العددية.
وأما حديث كون الجامع مؤثرا في العلل المستقلة إذا اجتمعت على معلول واحد، متمثلا بعدة قضايا عرفية كالبنادق المؤثرات في قتل حيوان، وكالشمس والنار المجتمعتين على تسخين ماء واحد، و كاجتماع عدة أشخاص لرفع الحجر العظيم، فهو من غرائب الكلام، لا يصدر إلا ممن لا يعلم كيفية تعلق المعلول بالعلة في الفاعل الإلهي إذ لا يمكن اجتماع العلتين البسيطتين على معلول واحد قط حتى يلتزم بتأثير الجامع، مع أن الواحد بالنوع والذات والسنخ كذلك لا يمكن أن يكون مؤثرا ومتأثرا إلا بالعرض، والمؤثر والمتأثر دائما هو الهوية الوجودية الواحدة بالوحدة الحقيقية، وموارد النقض كلها من قبيل تأثير الكثير في الكثير عقلا، وإنما خلط الامر العرفي بالعقلي، والأولى إيكال أمثال هذه المسائل إلى علمه وأهله، حتى لا يقع الباحث في مفاسد عظيمة