قد يقال (1): إن هذه المشتقات مستعملات في المعاني الحدثية كسائر المشتقات، وإنما الاختلاف في الجري على الذوات، فقولنا: هذا مسجد، وهذا مفتاح، كقولنا: هذا كاتب بالقوة، حيث إن الكاتب مستعمل في معناه لا في الكاتب بالقوة، وكذا الكلام في أسماء الأزمنة و الأمكنة والآلات، فإن الجري فيها بلحاظ القابلية والاستعداد.
وأما ما يدل على الحرفة، فسر الاطلاق (فيها) مع عدم التلبس أنه باتخاذه تلك المبادئ حرفة كأنه صار ملازما للمبدأ دائما. انتهى ملخصا.
وفيه: أن تلك المشتقات مع قطع النظر عن الجري والحمل تفيد معاني غير معاني المشتقات المتعارفة، فالمساجد بمفهومه التصوري يدل على المكان التهيئي للعبادة، وكذا المفتاح، ولفظ التاجر و الحائك بمفهومهما التصوري يدلان على الحرفة، وإنكار ذلك مكابرة، فدلالة هذه على تلك المعاني غير مرتبطة بالجري والحمل.
فلا محيص بعد عدم الالتزام بتعدد الأوضاع أن يقال:
أما في مثل التاجر والخياط - مما تدل على الحرفة والصنعة - فإنها استعملت في تلك المعاني أولا بنحو المجاز فصارت حقيقة إما باستعمال المواد في الصنعة والحرفة، أو استعمال مجموع المادة و الهيئة مجازا، باعتبار أن المشتقات كأنها كلمة واحدة مادة وهيئة كسائر العناوين البسيطة.
وهذا - أيضا - لا يخلو من بعد، وحيث إن المتبادر منها الحرفة والصنعة