موجود، وهو الدليل الدال على الاستمرار المقتضي بعموم دلالته لثبوت الحكم في هذا الآن، إلا أن الحال طرو المزيل منع من حصول اليقين به.
قلت: هذا - بعينه - هو الذي دعى جماعة إلى القول بأن مرجع التمسك بالاستصحاب في أمثال هذه الموارد إلى التمسك بعموم النص، فمنعوا الاستصحاب وعملوا بمثل هذا زعما منهم ان هذا ليس باستصحاب، بل تمسك بعموم النص، ونحن وإن بينا بطلان هذا سابقا، لكن نكرر القول هنا في بطلانه، ونقول: لا شك أن الدليل الدال على استمرار حكم إلى حدوث ما جعل مزيلا له مركب من قضيتين مختلفتين بالايجاب والسلب، فإن معنى " ثبوت الحكم مستمرا إلى حدوث المزيل " هو الحكم بوجود الحكم عند عدم حدوث المزيل وانتفائه عند حدوثه " لأنه معنى مزيلية المزيل.
لا أقول: إنه من باب مفهوم الغاية، بل إنه مأخوذ في معنى المزيل والغاية والرافع.
فإذا جعل الشارع الوضوء سببا للطهارة والبول مزيلا، وحكم بأن الوضوء إذا حصل فالطهارة مستمرة إلى زمان حدوث البول، فمعنى ذلك: أن كل من توضأ ولم يبل فهو باق على الطهارة، وكل من بال بعد التوضي فطهارته مرتفعة. فإذا شك بعد الطهارة في حدوث المزيل - وهو البول - فهل يوجد لعموم القضية الكلية الأولى اقتضاء للحكم بكون هذا الشاك متطهرا؟
أم يكون نسبته إلى القضية الدالة على ثبوت التطهر لمن لم يبل وإلى القضية الدالة على ارتفاعه عمن بال بعد التطهر على السواء؟
لا أظنك تقول بالأول وترتكب الترجيح بلا مرجح فتعين الثاني، فإذا لم يوجد في الدليل الدال على الاستمرار اقتضاء لثبوت الحكم بالنسبة إلى الشك، فأين الذي يوجب الحكم المتيقن في السابق؟