وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم لخوف الفتنة عليهم منهم (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: هم المنافقون. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: هم الخوارج. قال السيوطي وسنده جيد. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وتؤمنون بالكتاب كله) أي بكتابكم وبكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل (إن تمسسكم حسنة) يعني النصر على العدو والرزق والخير (تسؤهم وإن تصبكم سيئة) يعني القتل والهزيمة والجهد.
العامل في " إذ " فعل محذوف: أي واذكر إذ غدوت من منزل أهلك: أي من المنزل الذي فيه أهلك. وقد ذهب الجمهور إلى أن هذه الآية نزلت في غزوة أحد. وقال الحسن: في يوم بدر. وقال مجاهد ومقاتل والكلبي:
في غزوة الخندق. قوله (تبوئ) أي تتخذ لهم مقاعد للقتال، وأصل التبوء اتخاذ المنزل، يقال بوأته منزلا: إذا أسكنته إياه، والفعل في محل نصب على الحال. ومعنى الآية: واذكر إذ خرجت من منزل أهلك تتخذ للمؤمنين مقاعد للقتال: أي أماكن يقعدون فيها، وعبر عن الخروج بالغدو الذي هو الخروج غدوة مع كونه صلى الله عليه وآله وسلم خرج بعد صلاة الجمعة كما سيأتي، لأنه قد يعبر بالغدو والرواح عن الخروج والدخول من غير اعتبار أصل معناهما كما يقال، أضحى وإن لم يكن في وقت الضحى. قوله (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) هو بدل من إذ غدوت، أو متعلق بقوله تبوئ، أو بقوله سميع عليم، والطائفتان بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر يوم أحد، والفشل الجبن، والهم من الطائفتين كان بعد الخروج، لما رجع عبد الله ابن أبي بمن معه من المنافقين فحفظ الله قلوب المؤمنين فلم يرجعوا، وذلك قوله (والله وليهما). قوله (ولقد