تقدم. وقيل إن هدى الله بدل من الهدى، وأن يؤتى خبر إن على معنى قل إن هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم.
وقد قيل إن هذه الآية أعظم آي هذه السورة إشكالا وذلك صحيح. وقرأ الحسن يؤتي بكسر التاء الفوقية. وقرأ سعيد ابن جبير إن يؤتى بكسر الهمزة على أنها النافية. وقوله (يختص برحمته من يشاء) قيل هي النبوة، وقيل أعم منها، وهو رد عليهم ودفع لما قالوه ودبروه.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان قال: كل شئ في آل عمران من ذكر أهل الكتاب فهو في النصارى، ويدفع هذا أن كثيرا من خطابات أهل الكتاب المذكورة في هذه السورة لا يصح حملها على النصارى. ألبتة، ومن ذلك هذه الآيات التي نحن بصدد تفسيرها، فإن الطائفة التي ودت إضلال المسلمين وكذلك الطائفة القائلة (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) هي من اليهود خاصة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون) قال: تشهدون أن نعت نبي الله محمد في كتابكم، ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل النبي الأمي. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع مثله. وأخرجا أيضا عن السدي نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج (وأنتم تشهدون) على أن الدين عند الله الإسلام ليس لله دين غيره. وأخرجا عن الربيع في قوله (لم تلبسون الحق بالباطل) يقول: لم تخلطون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره الإسلام (وتكتمون الحق) يقول:
تكتمون شأن محمد وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم، فأنزل الله فيهم (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل) إلى قوله (والله واسع عليم) وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله (وقالت طائفة) الآية، قال: كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم، فإذا أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وتركوه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) قال: هذا قول بعضهم لبعض، وأخرج ابن جرير عن الربيع مثله. وأخرج أيضا عن السدي نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم، وإرادة أن يتابعوا على دينهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك وسعيد بن جبير (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) قال أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم (إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) يا أمة محمد (أو يحاجوكم عند ربكم) يقول اليهود: فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة حتى أنزل علينا المن والسلوى، فإن الذي أعطيتكم أفضل فقولوا (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة (قل إن الهدى هدى الله أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم) يقول لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا كنبيكم حسدتموه على ذلك (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء). وأخرج ابن جرير عن الربيع مثله. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج (قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) يقول: هذا الأمر الذي أنعم الله عليه (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم) قال: قال بعضهم لبعض لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه (ليحاجوكم) قال: