منسوبة إلى نجد، لأنها خير من رياض تهامة، ونبات نجد أعطر، ونسيمه أبرد وأرق، ونجد يقال لها حزن، وليست هذه المذكورة هنا من ذاك، ولفظ الربوة مأخوذ من ربا يربو إذا زاد. وقال الخليل الربوة: أرض مرتفعة طيبة. والوابل: المطر الشديد كما تقدم، يقال،: وبلت السماء تبل، والأرض موبولة. قال الأخفش:
ومنه قوله تعالى - أخذا وبيلا - أي شديدا، وضرب وبيل، وعذاب وبيل (فآتت أكلها) بضم الهمزة: الثمر الذي يؤكل كقوله تعالى - تؤتي أكلها كل حين - وإضافته إلى الجنة إضافة اختصاص كسرج الفرس وباب الدار قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو أكلها بضم الهمزة وسكون الكاف تخفيفا. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بتحريك الكاف بالضم. وقوله (ضعفين) أي مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل. فالمراد بالضعف المثل، وقيل أربعة أمثال، ونصبه على الحال من أكلها: أي مضاعفا. قوله (فإن لم يصبها وابل فطل) أي فإن الطل يكفيها: وهو المطر الضعيف المستدق القطر. قال المبرد وغيره: وتقديره فطل يكفيها. وقال الزجاج: تقديره فالذي يصيبها طل والمراد أن الطل ينوب مناب الوابل في إخراج الثمرة ضعفين. وقال قوم: الطل الندى. وفي الصحاح الطل:
أضعف المطر، والجمع أطلال. قال الماوردي: وزرع الطل أضعف من زرع المطر. والمعنى: أن نفقات هؤلاء زاكية عند الله لا تضيع بحال وإن كانت متفاوتة، ويجوز أن يعتبر التمثيل ما بين حالهم باعتبار ما صدر عنهم من النفقة الكثيرة والقليلة، وبين الجنة المعهودة باعتبار ما أصابها من المطر الكثير والقليل، فكما أن كل واحد من المطرين يضعف أكلها، فكذلك نفقتهم جلت أو قلت بعد أن يطلب بها وجه الله زاكية زائدة في أجورهم. وقوله (والله بما تعلمون بصير). قرأ الزهري بالتاء التحتية. وقرأ الجمهور بالفوقية، وفي هذا ترغيب لهم في الإخلاص مع نرهيب من الرياء ونحوه، فهو وعد ووعيد.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في قوله (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل) عن الربيع قال: كان من " بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الهجرة ورابط معه بالمدينة ولم يذهب وجها إلا بإذنه كانت له الحسنة بسبعمائة ضعف، ومن بايع على الإسلام كانت الحسنة له عشر أمثالها ". وأخرج مسلم وأحمد والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود أن رجلا تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة ". وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن خزيم بن فاتك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف ". وأخرجه البخاري في تاريخه من حديث أنس. وأخرجه أحمد من حديث أبي عبيدة وزاد " ومن أنفق على نفسه وأهله أو عاد مريضا فالحسنة بعشر أمثالها ". وأخرج نحوه النسائي في الصوم. وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم من حديث عمران بن حصين وعلى وأبي الدرداء وأبي هريرة وأبي أمامة وعبد الله ابن عمرو وجابر كلهم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة درهم، ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة ألف درهم، ثم تلا هذه الآية - والله يضاعف لمن يشاء ". وأخرجه أيضا ابن ماجة من حديث الحسن بن علي وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " وأخرجه أيضا مسلم. وأخرج الطبراني من حديث معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " طوبى لمن أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله، فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة، كل حسنة منها عشرة أضعاف " وقد