بشئ من الخوف والجوع) قال هم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله (ولنبلوكم) الآية، قال: أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر وبشرهم فقال (وبشر الصابرين) وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتخفيف سبيل الهدى. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه ". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله (ونقص من الثمرات) قال: يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم أن يقولوا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون " وقد ورد في فضل الاسترجاع عند المصيبة أحاديث كثيرة.
(أصل) الصفا في اللغة: الحجر الأملس، وهو هنا علم لجبل من جبال مكة معروف، وكذلك (المروة) علم لجبل بمكة معروف، وأصلها في اللغة: واحدة المروى، وهي الحجارة الصغار التي فيها لين. وقيل التي فيها صلابة، وقيل تعم الجميع. قال: أبو ذؤيب:
حتى كأني للحوادث مروة * بصفا المشقر كل يوم تقرع وقيل إنها الحجارة البيض البراقة: وقيل إنها الحجارة السود. والشعائر جمع شعيرة، وهي العلامة: أي من أعلام مناسكه. والمراد بها مواضع العبادة التي أشعرها الله إعلاما للناس من الموقف والسعي والمنحر، ومنه إشعار الهدى: أي إعلامه بغرز حديدة في سنامه، ومنه قول الكميت:
نقتلهم جيلا فجيلا تراهم * شعائر قربان بهم يتقرب وحج البيت في اللغة: قصده، ومنه قول الشاعر:
وأشهد من عوف حئولا كثيرة * يحجون سب الزبرقان المزعفرا والسب: العمامة: وفي الشرع: الإتيان بمناسك الحج التي شرعها الله سبحانه. والعمرة في اللغة: الزيارة.
وفي الشرع: الإتيان بالنسك المعروف على الصفة الثابتة. والجناح أصله من الجنوح، وهو الميل، ومنه الجوانح لاعوجاجها. وقوله (يطوف) أصله يتطوف فأدغم وقرئ " أن يطوف "، ورفع الجناح يدل على عدم الوجوب، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري. وحكى الزمخشري في الكشاف عن أبي حنيفة أنه يقول: إنه واجب وليس بركن وعلى تاركه دم. وقد ذهب إلى عدم الوجوب ابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك وابن سيرين. ومما يقوى دلالة هذه الآية على عدم الوجوب قوله تعالى في آخر الآية (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) وذهب الجمهور إلى أن السعي واجب ونسك من جملة المناسك، واستدلوا بما أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة أن عروة قال لها: أرأيت قول الله (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف