روى عن عمر بن الخطاب أنه كره ذلك. وقال ابن عباس: أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله. وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وابنتها من ملك اليمين لأن الله حرم ذلك في النكاح قال (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم) وملك اليمين عندهم تبع للنكاح إلا ما روى عن عمر وابن عباس، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم انتهى. قوله (وحلائل أبنائكم) الحلائل: جمع حليلة وهي الزوجة، سميت بذلك لأنها تحل مع الزوج حيث حل فهي فعيلة بمعنى فاعلة. وذهب الزجاج وقوم إلى أنها من لفظة الحلال فهي حليلة بمعنى محللة. وقيل لأن كل واحد منهما يحل إزار صاحبه. وقد أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء وما عقد عليه الأبناء على الآباء سواء كان مع العقد وطء أو لم يكن، لقوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) وقوله (وحلائل أبنائكم).
واختلف الفقهاء في العقد إذا كان فاسدا هل يقتضي التحريم أم لا؟ كما هو مبين في كتب الفروع. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده. وأجمع العلماء على أن عقد الشراء على الجارية لا يحرمها على أبيه وابنه، فإذا اشترى جارية فلمس أو قبل حرمت على أبيه وابنه لا أعلمهم يختلفون فيه، فوجب تحريم ذلك تسليما لهم. ولما اختلفوا في تحريمها بالنظر دون اللمس لم يجز ذلك لاختلافهم قال: ولا يصح عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلاف ما قلناه. قوله (الذين من أصلابكم) وصف للأبناء: أي دون من تبنيتم من أولاد غيركم كما كانوا يفعلونه في الجاهلية، ومنه قوله تعالى - قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا - ومنه قوله تعالى - وما جعل أدعياءكم أبناءكم - ومنه - ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) وأما زوجة الابن من الرضاع فقد ذهب الجمهور إلى أنها تحرم على أبيه، وقد قيل إنه إجماع مع أن الابن من الرضاع ليس من أولاد الصلب. ووجهه ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ولا خلاف أن أولاد الأولاد وإن سفلوا بمنزلة أولاد الصلب في تحريم نكاح نسائهم على آبائهم.
وقد اختلف أهل العلم في وطء الزنا هل يقتضي التحريم أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم: إذا أصاب الرجل امرأة بزنا لم يحرم عليه نكاحها بذلك، وكذلك لا تحرم عليه امرأته إذا زنا بأمها أو بابنتها، وحسبه أن يقام عليه الحد، وكذلك يجوز له عندهم أن يتزوج بأم من زنى بها وبابنتها. وقالت طائفة من أهل العلم: إن الزنا يقتضي التحريم.
حكى ذلك عن عمران بن حصين والشعبي وعطاء والحسن وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وحكى ذلك عن مالك، والصحيح عنه كقول الجمهور. احتج الجمهور بقوله تعالى (وأمهات نسائكم) وبقوله (وحلائل أبنائكم) والموطوءة بالزنا لا يصدق عليها أنها من نسائهم ولا من حلائل أبنائهم.
وقد أخرج الدارقطني عن عائشة قالت " سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها، فقال: لا يحرم الحرام الحلال ". واحتج المحرمون بما روى في قصة جريج الثابتة في الصحيح أنه قال: يا غلام من أبوك؟ فقال: فلان الراعي، فنسب الابن نفسه إلى أبيه من الزنا، وهذا احتجاج ساقط، واحتجوا أيضا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها ولم يفصل بين الحلال والحرام ". ويجاب عنه بأن هذا مطلق مقيد بما ورد من الأدلة الدالة على أن الحرام لا يحرم الحلال.
واختلفوا في اللواط هل يقتضي التحريم أم لا؟ فقال الثوري: إذا لاط بالصبي حرمت عليه أمه، وهو قول أحمد بن حنبل قال: إذا تلوط بابن امرأته أو أبيها أو أخيها حرمت عليه امرأته. وقال الأوزاعي: إذا لاط بغلام