قولهم) أي قول أولئك الذين كانوا مع الأنبياء إلا هذا القول، وقولهم منصوب على أنه خبر كان. وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية عنهما برفع قولهم. وقوله (إلا أن قالوا) استثناء مفرغ: أي ما كان قولهم عند أن قتل منهم ربانيون أو قتل نبيهم (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا) قيل هي الصغائر. وقوله (وإسرافنا في أمرنا) قيل هي الكبائر، والظاهر أن الذنوب تعم كل ما يسمى ذنبا من صغيرة أو كبيرة. والإسراف ما فيه مجاوزة للحد، فهو من عطف الخاص على العام، قالوا ذلك مع كونهم ربانيين هضما لأنفسهم (وثبت أقدامنا) في مواطن القتال (فآتاهم الله) بسبب ذلك (ثواب الدنيا) من النصر والغنيمة والعزة ونحوها (وحسن ثواب الآخرة) من إضافة الصفة إلى الموصوف: أي ثواب الآخرة الحسن، وهو نعيم الجنة، جعلنا الله من أهلها.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (قد خلت من قبلكم سنن) قال: تداول من الكفار والمؤمنين في الخير والشر. وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف عن سعيد بن جبير قال: أول ما نزل من آل عمران (هذا بيان للناس) ثم أنزل بقيتها يوم أحد. وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله (هذا بيان) يعني القرآن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم لا يعلون علينا " فأنزل الله (ولا تهنوا ولا تحزنوا) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب يوم أحد، فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما فعل فلان، فنعى بعضهم لبعض وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قتل، فكانوا في هم وحزن، فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل. وكانوا على أحد مجنبتي المشركين، وهم أسفل من الشعب، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرحوا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " اللهم لا قوة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذا البلد غير هؤلاء النفر فلا تهلكهم " وثاب نفر من المشركين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك (وأنتم الأعلون) قال: وأنتم الغالبون. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (إن يمسسكم قرح) قال: جراح وقتل. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله) قال: إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتل منهم يوم بدر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عابس في قوله (وتلك الأيام نداولها بين الناس) قال: كان يوم أحد بيوم بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله (وتلك الأيام) الآية، قال: أدال المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد، وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين ألفا عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين، وكان عدد الأسارى يوم بدر ثلاثة وسبعين رجلا. وأخرج ابن جريج وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (ويتخذ منكم شهداء) قال: إن المسلمين كانوا يسألون ربهم: اللهم ربنا أرنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبليك فيه خيرا، ونلتمس فيه الشهادة، فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ منهم شهداء. وأخرجا عنه في قوله (وليمحص الله الذين آمنوا) قال: يبتليهم (ويمحق الكافرين) قال: ينقصهم. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عنه أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقولون: ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد، أو ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلي فيه خيرا ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق فأشهدهم