هو حبل الله الممدود. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: واعتصموا بحبل الله بالإخلاص لله وحده. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: بطاعته. وأخرج أيضا عن قتادة قال: بعهده وأمره. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: بالإسلام. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله (إذ كنتم أعداء) قال:
ما كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة. وأخرج ابن إسحاق قال: كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة سنة، حتى قام الإسلام فأطفأ الله ذلك وألف بينهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله (وكنتم على شفا حفرة من النار) يقول: كنتم على طرف النار، من مات منكم وقع في النار، فبعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم واستنقذكم به من تلك الحفرة.
قوله (ولتكن) قرأه الجمهور بإسكان اللام، وقرئ بكسر اللام على الأصل، ومن في قوله (منكم) للتبعيض وقيل لبيان الجنس. ورجح الأول بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات يختص بأهل العلم الذين يعرفون كون ما يأمرون به معروفا وينهون عنه منكرا. قال القرطبي: الأول أصح فإنه يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية، وقد عينهم الله سبحانه بقوله - الذين إن مكناهم في الأرض - الآية. وقرأ ابن الزبير (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم) قال أبو بكر بن الأنباري: وهذه الزيادة تفسير من ابن الزبير وكلام من كلامه غلط فيه بعض الناقلين فألحقه بألفاظ القرآن. وقد روى أن عثمان قرأها كذلك ولكن لم يكتبها في مصحفه فدل على أنها ليست بقرآن. وفي الآية دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة وهو من أعظم واجبات الشريعة المطهرة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يكمل نظامها ويرتفع سنامها. وقوله (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) من باب عطف الخاص على العام، إظهارا لشرفهما، وأنهما الفردان الكاملان من الخير الذي أمر الله عبادة بالدعاء إليه، كما قيل في عطف جبريل وميكائيل على الملائكة، وحذف متعلق الأفعال الثلاثة: أي يدعون ويأمرون وينهون لقصد التعميم: أي كل من وقع منه سبب يقتضي ذلك، والإشارة في قوله (وأولئك) ترجع إلى الأمة باعتبار اتصافها بما ذكر بعدها (هم المفلحون) أي المختصون بالفلاح، وتعريف المفلحين للعهد أو للحقيقة التي يعرفها كل أحد. قوله (ولا تكونوا كالذين تفرقوا) هم اليهود والنصارى عند جمهور المفسرين، وقيل هم المبتدعة من هذه الأمة، وقيل الحرورية، والظاهر