أمهاتهم من نطف آبائهم كيف يشاء من حسن وقبيح وأسود وأبيض وطويل وقصير. وكيف معمول يشاء والجملة حالية.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن جعفر بن محمد بن الزبير قال: " قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفد نجران ستون راكبا، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب وعبد المسيح والسيد، وهو الأيهم، ثم ذكروا القصة في الكلام الذي دار بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الله أنزل في ذلك صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع، فذكر وفد نجران ومخاصمتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في عيسى عليه السلام، وأن الله أنزل (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله (مصدقا لما بين يديه) قال: لما قبله من كتاب أو رسول. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحوه، وقال في قوله (وأنزل الفرقان) هو القرآن فرق بين الحق والباطل، فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه، وشرع فيه شرائعه، وحد فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه:
وبين فيه بيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته. وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله (وأنزل الفرقان) أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره، وفي قوله (إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام) أي إن الله ينتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها. وفي قوله (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) أي قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه ربا وإلها، وعندهم من علمه غير ذلك غرة بالله وكفرا به (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه كما صوره غيره من بني آدم، فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله (يصوركم في الأرحام كيف يشاء) قال: ذكورا وإناثا. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة في قوله (يصوركم في الأرحام كيف يشاء) قال: إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يوما، ثم تكون علقة أربعين يوما، ثم تكون مضغة أربعين يوما، فإذا بلغ أن يخلق بعث الله ملكا يصورها، فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه فيخلط منه المضغة، ثم يعجنه بها ثم يصور كما يؤمر فيقول: أذكر أم أنثى، أشقى أم سعيد، وما رزقه، وما عمره، وما أثره وما مصائبه؟ فيقول الله ويكتب الملك، فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله (يصوركم في الأرحام كيف يشاء) قال: من ذكر وأنثى، وأحمر وأسود، وتام الخلق وغير تام الخلق.