" أو نتوفينك فإلينا مرجعهم " أي مصيرهم ومنقلبهم والله شهيد على أفعالهم بعدك وقد قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا داود بن الجارود عن أبي السليل عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عرضت علي أمتي البارحة لدى هذه الحجرة أولها وآخرها " فقال رجل: يا رسول الله عرض عليك من خلق فكيف من لم يخلق؟ فقال " صوروا لي في الطين حتى أني لأعرف بالانسان منهم من أحدكم بصاحبه " ورواه عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عقبة بن مكرم عن يونس بن بكير عن زياد بن المنذر عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد به نحوه. وقوله " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم " قال مجاهد يعني يوم القيامة " قضي بينهم بالقسط " الآية كقوله تعالى " وأشرقت الأرض بنور ربها " الآية، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها وكتاب أعمالها من خير وشر موضوع شاهد عليهم وحفظتهم من الملائكة شهود أيضا أمة بعد أمة وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ويقضي لهم كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق " فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين.
ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48) قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (49) قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون (50) أثم إذا ما وقع آمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون (51) ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون (52) يقول تعالى مخبرا عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذاب وسؤالهم عن وقته قبل التعين مما لا فائدة لهم فيه كقوله " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق " أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عينا ولهذا أرشد تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى جوابهم فقال " قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا " الآية أي لا أقول إلا ما علمني ولا أقدر على شئ مما استأثر به إلا أن يطلعني الله عليه فأنا عبده ورسوله إليكم وقد أخبرتكم بمجئ الساعة وأنها كائنة ولم يطلعني على وقتها ولكن " لكل أمة أجل " أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم " فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " كقوله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " الآية ثم أخبر أن عذاب الله سيأتيهم بغتة فقال " قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا " أي ليلا أو نهارا " ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون " يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا " ربنا أبصرنا وسمعنا " الآية وقال تعالى " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون "، " ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد " أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتا وتقريعا كقوله " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * إصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون " * ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين (53) ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (54) يقول تعالى ويستخبرونك " أحق هو " أي الميعاد والقيامة من الأجداث بعد صيرورة الأجسام ترابا " قل إي وربي إنه