" النظر إلى وجه الرحمن عز وجل " وقال أيضا: حدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمر بن أبي سلمة سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية حدثنا أبي بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " قال " الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل " ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير به. وقوله تعالى " ولا يرهق وجوههم قتر " أي قتام وسواد في عرصات المحشر كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة " ولا ذلة " أي هوان وصغار أي لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم " فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا " أي نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم جعلنا الله منهم بفضله ورحمته آمين.
والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (27) لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الأشقياء فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك " وترهقهم " أي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال " وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل " الآية وقال تعالى " ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤوسهم " الآيات. وقوله " ما لهم من الله من عاصم " أي مانع ولا واق يقيهم العذاب كقوله تعالى " يقول الانسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر " وقوله " كأنما أغشيت وجوههم " الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة كقوله تعالى " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون " وقوله تعالى " وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة " الآية.
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون (28) فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين (29) هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون (30) يقول تعالى " ويوم نحشرهم " أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر كقوله " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " " ثم نقول للذين أشركوا " الآية أي الزموا أنتم وهم مكانا معينا امتازوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " وقوله " ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون " وفي الآية الأخرى " يومئذ يصدعون " أي يصيرون صدعين وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ولهذا قيل ذلك (1) يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا وفي الحديث الآخر " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس " وقال الله تعالى في الآية الكريمة إخبارا عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة " مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم " الآية أنهم أنكروا عبادتهم وتبرأوا منهم كقوله " كلا سيكفرون بعبادتهم " الآية وقوله " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " وقوله " ومن أضل ممن يدعو