جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون (67) يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم " ولا يحزنك " قول هؤلاء المشركين واستعن بالله عليهم وتوكل عليه فإن العزة لله جميعا أي جميعها له ولرسوله وللمؤمنين " هو السميع العليم " أي السميع لأقوال عباده العليم بأحوالهم ثم أخبر تعالى أن له ملك السماوات والأرض وأن المشركين يعبدون الأصنام وهي لا تملك شيئا لا ضرا ولا نفعا ولا دليل لهم على عبادتها بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه أي يستريحون من نصبهم وكلهم وحركاتهم " والنهار مبصرا " أي مضيئا لمعاشهم وسعيهم وأسفارهم ومصالحهم " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " أي يسمعون هذه الحجج والأدلة فيعتبرون بها ويستدلون على عظمة خالقها ومقدرها ومسيرها.
قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون (68) قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون (69) متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون (70) يقول تعالى منكرا على من ادعى أن له " ولدا سبحانه هو الغني " أي تقدس عن ذلك هو الغني عن كل ما سواه وكل شئ فقير إليه " له في السماوات وما في الأرض " أي فكيف يكون له ولد مما خلق وكل شئ مملوك له عبد له " إن عندكم من سلطان بهذا " أي ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان أتقولون على الله ما لا تعلمون " إنكار ووعيد أكيد وتهديد شديد كقوله تعالى " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين ممن زعم أن له ولدا بأنهم لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى لهم متعهم قليلا " ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ " كما قال تعالى ههنا " متاع في الدنيا " أي مدة قريبة " ثم إلينا مرجعهم " أي يوم القيامة " ثم نذيقهم العذاب الشديد " أي الموجع المؤلم " بما كانوا يكفرون " أي بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله فيما ادعوه من الإفك والزور.
* واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون (71) فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين (72) فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73) يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه " واتل عليهم " أي أخبرهم واقصص عليهم أي على كفار مكة الذين يكذبونك ويخالفونك " نبأ نوح " أي خبره مع قومه الذين كذبوه كيف أهلكهم الله ودمرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك " إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم " أي عظم عليكم " مقامي " أي فيكم بين أظهركم " وتذكيري " إياكم " بآيات الله " أي بحججه وبراهينه " فعلى الله