لحق وما أنتم بمعجزين " أي ليس صيرورتكم ترابا بمعجز الله عن إعادتكم كما بدأكم من العدم ف " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " وهذه الآية ليس لها نظير في القرآن إلا آيتان أخريان يأمر الله تعالى رسوله أن يقسم به على من أنكر المعاد في سورة سبأ " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " وفي التغابن " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبأن بما عملتم وذلك على الله يسير " ثم أخبر تعالى أنه إذا قامت القيامة يود الكافر لو افتدى من عذاب الله بملء ء الأرض ذهبا " وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط " أي بالحق " وهم لا يظلمون ".
ألا إن الله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون (55) هو يحيى ويميت وإليه ترجعون (56) يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض وأن وعده حق كائن لا محالة وأنه يحيي ويميت وإليه مرجعهم، وأنه القادر على ذلك العليم بما تفرق من الأجسام وتمزق في سائر أقطار الأرض والبحار والقفار.
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين (57) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (58) يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم " أي زاجر عن الفواحش " وشفاء لما في الصدور " أي من الشبه والشكوك وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس وهدى ورحمة أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه كقوله تعالى " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " وقوله " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " الآية، وقوله تعالى " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا " أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا فإنه أولى ما يفرحون به " هو خير مما يجمعون " أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة كما قال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية وذكر بسنده عن بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو: سمعت أيفع بن عبد الله الكلاعي يقول لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل فإذا هي أكثر من ذلك فجعل عمر يقول: الحمد لله تعالى ويقول مولاه هذا والله من فضل الله ورحمته فقال عمر: كذبت ليس هذا هو الذي يقول الله تعالى " قل بفضل الله وبرحمته " الآية وهذا مما يجمعون وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني فرواه عن أبي زرعة الدمشقي عن حياة بن شريح عن بقية فذكره.
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آالله أذن لكم أم على الله تفترون (59) وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (60) قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم: نزلت إنكارا على المشركين فيما كانوا يحلون ويحرمون من البحائر والسوائب والوصايل كقوله تعالى " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا " الآيات وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحق سمعت أبا الأحوص وهو عوف بن مالك بن نضلة يحدث عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رث الهيئة فقال " هل لك مال؟ " قلت نعم. قال " من أي المال "؟ قال قلت من كل المال من الإبل والرقيق والخيل والغنم فقال " إذا آتاك الله مالا فلير