كيسان عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وبتوفيق الله ". وقال أيضا حدثنا عبد الاعلى بن واصل حدثنا سعيد بن محمد الجرمي حدثنا عبد الواحد بن واصل حدثنا أبو بشر المزلق عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ". ورواه الحافظ أبو بكر البزار حدثنا سهل بن بحر حدثنا سعيد بن محمد الجرمي حدثنا أبو بشر يقال له ابن المزلق قال وكان ثقة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم " وقوله " وإنها لبسبيل مقيم " أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم كقوله " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون * وإن يونس لمن المرسلين " وقال مجاهد والضحاك " وإنها لبسبيل مقيم " قال معلم وقال قتادة بطريق واضح وقال قتادة أيضا بصقع من الأرض واحد وقال السدي بكتاب مبين يعني كقوله " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين " ولكن ليس المعنى على ما قال ههنا والله أعلم وقوله " إن في ذلك لآية للمؤمنين " أي إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطا وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله.
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين (78) فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين (79) أصحاب الأيكة هم قوم شعيب قال الضحاك وقتادة وغيرهما الأيكة الشجر الملتف وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق ونقصهم المكيال والميزان فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة وقد كانوا قريبا من قوم لوط بعدهم في الزمان ومسامتين لهم في المكان ولهذا قال تعالى " وإنهما لبإمام مبين " أي طريق مبين قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيره طريق ظاهر ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم " وما قوم لوط منكم ببعيد ".
ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين (80) وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين (81) وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين (82) فأخذتهم الصيحة مصبحين (83) فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (84) أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحا نبيهم عليه السلام ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين وذكر تعالى أنه آتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء وكانت تسرج في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم فلما عتوا وعقروها قال لهم " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " وقال تعالى " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " وذكر تعالى أنهم " كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين " أي من غير خوف ولا احتياج إليها بل أشرا وبطرا وعبثا كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر الذي مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك فقنع رأسه وأسرع دابته وقال لأصحابه " لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم ". وقوله " فأخذتهم الصيحة مصبحين " أي وقت الصباح من اليوم الرابع " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " أي ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنوا بمائها عن الناقة حتى عقروها لئلا تضيق عليهم في المياه فما دفعت عنهم تلك الأموال ولا نفعتهم لما جاء أمر ربك.
وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة الآتية فاصفح الصفح الجميل (85) إن ربك هو الخلاق العليم (86) يقول تعالى " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية " أي بالعدل " ليجزي الذين أساءوا