أعلم قال " فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله " يوم تبدل الأرض غير الأرض " إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة " فلما جاءوا سألهم فقالوا تكون بيضاء مثل النقي وهكذا روي عن علي وابن عباس وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر أنها تبدل يوم القيامة بأرض من فضة وعن علي رضي الله عنه أنه قال تصير الأرض فضة والسماوات ذهبا وقال الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال: تصير السماوات جنانا وقال أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن قيس في قوله " يوم تبدل الأرض غير الأرض " قال خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم وكذا روى وكيع عن عمر بن بشر الهمداني عن سعيد بن جبير في قوله " يوم تبدل الأرض غير الأرض " قال تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه وقال الأعمش عن خثيم قال: قال عبد الله بن مسعود: الأرض يوم القيامة كلها نار والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها ويلجم الناس العرق ويبلغ منهم العرق ولم يبلغوا الحساب. وقال الأعمش أيضا عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال: قال عبد الله الأرض كلها نار يوم القيامة والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليفيض عرقا حتى ترشح في الأرض قدمه ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب قالوا مم ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال مما يرى الناس ويلقون وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن كعب في قوله " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " قال تصير السماوات جنانا فيصير مكان البحر نارا وتبدل الأرض غيرها وفي الحديث الذي رواه أبو داود " لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر فإن تحت البحر نارا - أو - تحت النار بحرا " وفي حديث الصور المشهور المروي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يبدل الله الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة " وقوله " وبرزوا لله " أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم لله " الواحد القهار " أي الذي قهر كل شئ وغلبه ودانت له الرقاب وخضعت له الألباب.
وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد (49) سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار (50) ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب (51) يقول تعالى " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " وتبرز الخلائق لديانها ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم " مقرنين " أي بعضهم إلى بعض قد جمع بين النظراء أو الاشكال منهم كل صنف إلى صنف كما قال تعالى " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " وقال " وإذا النفوس زوجت " وقال " وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا " وقال " والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد " والاصفاد هي القيود قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد وهو مشهور في اللغة قال عمرو بن كلثوم.
فآبوا بالثياب وبالسبايا * وأبنا بالملوك مصفدينا وقوله " سرابيلهم من قطران " أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران وهو الذي تهنأ به الإبل أي تطلى قال قتادة وهو ألصق شئ بالنار، ويقال فيه قطران بفتح القاف وكسر الطاء وتسكينها وبكسر القاف وتسكين الطاء ومنه قول أبي النجم.
كأن قطرانا إذا تلاها * ترمي به الريح إلى مجراها وكان ابن عباس يقول القطران هو النحاس المذاب وربما قرأها " سرابيلهم من قطران " أي من نحاس حار قد انتهى حره وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وقوله " وتغشى وجوههم النار " كقوله