وتقبل دعاء (40) (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب (41) قال ابن جرير: يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم خليله أنه قال " ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن " أي أنت تعلم قصدي في دعائي وما أردت بدعائي لأهل هذا البلد وإنما هو القصد إلى رضاك والاخلاص لك فإنك تعلم الأشياء كلها ظاهرها وباطنها لا يخفى عليك منها شئ في الأرض ولا في السماء، ثم حمد ربه عز وجل على ما رزقه من الولد بعد الكبر فقال " الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء " أي أنه يستجيب لمن دعاه وقد استجاب لي فيما سألته من الولد ثم قال " رب اجعلني مقيم الصلاة " أي محافظا عليها مقيما لحدودها " ومن ذريتي " أي واجعلهم كذلك مقيمين لها " ربنا وتقبل دعاء " أي فيما سألتك فيه كله " ربنا اغفر لي ولوالدي " قرأ بعضهم ولوالدي بالافراد وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه لما تبين له عداوته لله عز وجل " وللمؤمنين " أي كلهم " يوم يقوم الحساب " أي يوم تحاسب عبادك فتجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار (42) مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء (43) يقول تعالى ولا تحسبن الله يا محمد غافلا عما يعمل الظالمون أي لا تحسبنه إذا أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عليهم عدا " إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار " أي من شدة الأهوال يوم القيامة، ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر فقال " مهطعين " أي مسرعين كما قال تعالى " مهطعين إلى الداع " الآية وقال تعالى " يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له - إلى قوله - وعنت الوجوه للحي القيوم " وقال تعالى " يوم يخرجون من الأجداث سراعا " الآية وقوله " مقنعي رؤوسهم " قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد رافعي رؤوسهم " لا يرتد إليهم طرفهم " أي أبصارهم ظاهرة شاخصة مديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة المخافة لما يحل بهم عياذا بالله العظيم من ذلك ولهذا قال " وأفئدتهم هواء " أي وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شئ لكثرة الوجل والخوف ولهذا قال قتادة وجماعة إن أمكنة أفئدتهم خالية لان القلوب لدى الحناجر قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف وقال بعضهم هي خراب لا تعي شيئا لشدة ما أخبر به تعالى عنهم ثم قال تعالى لرسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال (44) وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال (45) وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال (46) يقول تعالى مخبرا عن قيل الذين ظلموا أنفسهم عند معاينة العذاب " ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل " كقوله " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون " الآية وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم " الآيتين وقال تعالى مخبرا عنهم في حال محشرهم " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم " الآية. وقال " ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا " الآية وقال تعالى " وهم