قدامه فهو بين أربعة أملاك بالنهار وأربعة آخرين بالليل بدلا حافظان وكاتبان كما جاء في الصحيح " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون " وفي الحديث الآخر " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع فاستحيوهم وأكرموهم " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " والمعقبات من الله هي الملائكة وقال عكرمة عن ابن عباس " يحفظونه من أمر الله " قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه وقال مجاهد ما من عبد إلا له ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما منها شئ يأتيه يريده إلا قال له الملك: وراءك إلا شئ أذن الله فيه فيصيبه.
وقال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله " له معقبات من بين يديه ومن خلفه " قال ذلك ملك من ملوك الدنيا له حرس من دونه حرس وقال العوفي عن ابن عباس " له معقبات من بين يديه ومن خلفه " يعني ولي السلطان يكون عليه الحرس وقال عكرمة في تفسيرها هؤلاء الامراء المواكب من بين يديه ومن خلفه، وقال الضحاك في الآية هو السلطان المحروس من أمر الله وهم أهل الشرك والظاهر والله أعلم أن مراد ابن عباس وعكرمة والضحاك بهذا أن حرس الملائكة للعبد يشبه حرس هؤلاء لملوكهم وأمرائهم وقد روى الإمام أبو جعفر ابن جرير ههنا حديثا غريبا جدا فقال حدثني المثنى حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري حدثنا علي بن جرير عن حماد بن سلمة عن عبد الحميد بن جعفر عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ فقال " ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمير على الذي على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين أكتبها؟ قال لا لعله يستغفر ويتوب فيستأذنه ثلاث مرات فإذا قال ثلاثا قال اكتبها أراحنا الله منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله وأقل استحياءه منا يقول الله " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " وملكان من بين يديك ومن خلفك يقول الله تعالى " له معقبات من بين يديه ومن خلفه " الآية، وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار لان ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل " وقال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا أسود بن عامر حدثنا سفيان حدثني منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة " قالوا وإياك يا رسول الله؟
قال " وإياي ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير " انفرد بإخراجه مسلم وقوله " يحفظونه من أمر الله " قيل المراد حفظهم له من أمر الله. رواه علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس وإليه ذهب مجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم وقال قتادة " يحفظونه من أمر الله " قال وفي بعض القراءات يحفظونه بأمر الله وقال كعب الأحبار: لو تجلى لابن آدم كل سهل وكل حزن لرأى كل شئ من ذلك شيئا يقينا لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا لتخطفتم وقال أبو أمامة ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له وقال أبو مجلز جاء رجل من مراد إلى علي رضي الله عنه وهو يصلي فقال احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه إن الاجل جنة حصينة وقال بعضهم " يحفظونه من أمر الله " بأمر الله كما جاء في الحديث أنهم قالوا يا رسول الله أرأيت رقيا نسترقي بها هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال " هي من قدر الله " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن