" ذكر من قال ذلك " حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني حجاج عن صالح المري عن يزيد الرقاع عن أنس بن مالك قال إن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله بعينيه خلا ولده نجيا فقال بعضهم لبعض ألستم قد علمتم ما صنعتم وما لقي منكم الشيخ وما لقى منكم يوسف؟ قالوا بلى قال فيغركم عفوهما عنكم فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه ويوسف إلى جنب أبيه قاعد قالوا يا أبانا إنا أتيناك لأمر لم نأتك لأمر مثله قط ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله قط حتى حركوه والأنبياء عليهم السلام أرحم البرية فقال ما لكم يا بنى؟ قالوا ألست قد علمت ما كان منا إليك وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قال بلى قالوا أو لستما قد غفرتما لنا؟ قالا بلى قالوا فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا إن كان الله لم يعف عنا قال فما تريدون يا بني؟ قالوا نريد أن تدعو الله لنا فإذا جاءك الوحي من الله بأنه قد عفا عنا قرت أعيننا واطمأنت قلوبنا وإلا فلا قرة عين في الدنيا لنا أبدا قال فقام الشيخ فاستقبل القبلة وقام يوسف خلف أبيه وقاموا خلفهما أذلة خاشعين قال فدعا وأمن يوسف فلم يجب فيهم عشرين سنة قال صالح المري يخيفهم قال حتى إذا كان على رأس العشرين نزل جبريل عليه السلام على يعقوب عليه السلام فقال إن الله تعالى قد بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك وأن الله تعالى قد عفا عما صنعوا وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة هذا الأثر موقوف عن أنس ويزيد الرقاشي وصالح المري ضعيفان جدا وذكر السدي أن يعقوب عليه السلام لما حضره الموت أوصى إلى يوسف بأن يدفن عند إبراهيم وإسحاق فما مات صبره وأرسله إلى الشام دفن عندهما عليه السلام.
ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون (102) وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين (103) وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين (104) يقول تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قص عليه نبأ إخوة يوسف وكيف رفعه الله عليهم وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والاعدام هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة " نوحيه إليك " ونعلمك به يا محمد لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك " وما كنت لديهم " حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم " إذ أجمعوا أمرهم " أي على إلقائه في الجب " وهم يمكرون " به ولكنا أعلمناك به وحيا إليك وإنزالا عليك كقوله " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم " الآية. وقال تعالى " وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر " الآية إلى قوله " وما كنت بجانب الطور إذ نادينا " الآية وقال " وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا " الآية وقال " ما كان لي من علم بالملأ الاعلى إذ يختصمون * إن يوحى إلي أنما أنا نذير مبين " يقول تعالى إنه رسوله وإنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم ومع هذا ما آمن أكثر الناس ولهذا قال " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " وقال " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " كقوله " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " إلى غير ذلك من الآيات وقوله " وما تسألهم عليه من أجر " أي ما تسألهم يا محمد على هذا النصح والدعاء إلى الخير والرشد من أجر أي من جعالة ولا أجرة بل تفعله ابتغاء وجه الله ونصحا لخلقه " إن هو إلا ذكر للعالمين " أي يتذكرون به ويهتدون وينجون به في الدنيا والآخرة.
وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون (105) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون (107)