قالا: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثنا أبي عن عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينه في شئ قال عكرمة: أراه قال في دم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال " أحسنت إليك؟ " قال الاعرابي لا ولا أجملت فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أن كفوا فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله دعا الاعرابي إلى البيت فقال " إنما جئتنا تسألنا فأعطيناك فقلت ما قلت " فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال " أحسنت إليك؟ " فقال الاعرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت وفي أنفس أصحابي عليك من ذلك شئ فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب عن صدورهم " فقال نعم. فلما جاء الاعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه فقال ما قال وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضي كذلك يا أعرابي؟ " فقال الاعرابي: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن مثلي ومثل هذا الاعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا. فقال لهم صاحب الناقة خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأنا أعلم بها فتوجه إليها وأخذ لها من قشام الأرض ودعاها حتى جاءت واستجابت وشد عليها رحلها وإني لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النار " رواه البزار ثم قال لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه " قلت " وهو ضعيف بحال إبراهيم بن الحكم بن أبان والله أعلم وقوله " بالمؤمنين رؤوف رحيم " كقوله " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم " وهكذا أمره تعالى في هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى " فإن تولوا " أي تولوا عما جئتهم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة الشاملة " فقل حسبي الله لا إله إلا هو " أي الله كافي لا إله إلا هو عليه توكلت كما قال تعالى " رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا " " وهو رب العرش العظيم " أي هو مالك كل شئ وخالقه لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات وجميع الخلائق من السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورون بقدرة الله تعالى وعلمه محيط بكل شئ وقدره نافذ في كل شئ وهو على كل شئ وكيل قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي حدثنا بشر بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي بن كعب قال: آخر آية نزلت من القرآن هذه الآية " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " إلى آخر السورة. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا روح حدثنا عبد المؤمن حدثنا عمر بن شقيق حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنهم أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر رضي الله عنه فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " الآية فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن فقال لهم أبي بن كعب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " إلى آخر السورة قال هذا آخر ما نزل من القرآن فختم بما فتح به بالله الذي لا إله إلا هو وهو قول الله تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " وهذا غريب أيضا وقال أحمد:
حدثنا علي بن بحر حدثنا علي بن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن الزبير رضي الله عنه قال أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال من معك على هذا؟ قال لا أدري والله إني لأشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووعيتها وحفظتها فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها فوضعوها في آخر براءة وقد تقدم الكلام أن عمر بن الخطاب هو الذي أشار على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن فأمر زيد بن ثابت فجمعه وكان عمر يحضرهم وهم يكتبون ذلك. وفي الصحيح أن زيدا قال فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة وقد قدمنا أن جماعة من الصحابة تذكروا ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال خزيمة بن ثابت