سيئة وريح منتنة فيلزم صاحبه ويلاده حتى يقذفه في النار وروي نحوه عن قتادة مرسلا فالله أعلم وقوله " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " أي هذا حال أهل الجنة. قال ابن جريج أخبر أن قوله " دعواهم فيها سبحانك اللهم " قال إذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله " وتحيتهم فيها سلام " قال فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم فذلك قوله " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " وقال مقاتل بن حيان: إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم " سبحانك اللهم " قال فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى قال فيأكل منهن كلهن وقال سفيان الثوري: إذا أراد أحدهم أن يدعو بشئ قال " سبحانك اللهم " وهذه الآية فيها شبه من قوله " تحيتهم يوم يلقونه سلام " الآية. وقوله " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " وقوله " سلام قولا من رب رحيم " وقوله " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم " الآية وقوله " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " هذا فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبدا المعبود على طول المدى ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره وفي ابتداء كتابه وعند ابتداء تنزيله حيث يقول تعالى " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض " إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها وأنه المحمود في الأولى والآخرة في الحياة الدنيا وفي الآخرة في جميع الأحوال ولهذا جاء في الحديث " إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم الله عليهم فتكرر وتعاد وتزداد فليس لها انقضاء ولا أمد فلا إله إلا هو ولا رب سواه.
* ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11) يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والنماء ولهذا قال " ولو يجعل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم " الآية أي لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك لأهلكهم ولكن لا ينبغي الاكثار من ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:
حدثنا محمد بن معمر حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو جزرة عن عبادة بن الوليد حدثنا جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدعوا على أنفسكم لا تدعوا على أولادكم لا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم " ورواه أبو داود من حديث حاتم بن إسماعيل به. وقال البزار وتفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري لم يشاركه أحد فيه وهذا كقوله تعالى " ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير " الآية. وقال مجاهد في تفسير هذه الآية " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير " الآية هو قول الانسان لولده أو ماله إذا غضب عليه: اللهم لا تبارك فيه والعنه. فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم.
وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون (12) يخبر تعالى عن الانسان وضجره وقلقه إذا مسه الشر " وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض " أي كثير وهما في معنى