محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله وقتلوا أولادهم وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم " قل " لهم " تعالوا " أي هلموا واقبلوا " أتل ما حرم ربكم عليكم " أي أقص عليكم وأخبركم بما حرم ربكم عليكم حقا لا تخرصا ولا ظنا بل وحيا منه وأمرا من عنده " ألا تشركوا به شيئا " وكأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق وتقديره وأوصاكم " ألا تشركوا شيئا " ولهذا قال في آخر الآية " ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون " وكما قال الشاعر:
حج وأوصى بسليمى الا عبدا * أن لا ترى ولا تكلم أحدا ولا يزل شرابها مبردا وتقول العرب أمرتك أن لا تقوم وفي الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا من أمتك دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق؟
قال وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر " وفي بعض الروايات أن قائل ذلك إنا هو أبو ذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه عليه الصلاة والسلام قال في الثالثة وإن رغم أنف أبي ذر " فكان أبو ذر يقول بعد تمام الحديث " وإن رغم أنف أبي ذر " وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئا وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك " ولهذا شاهد في القرآن قال الله تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا وروى ابن مردويه من حديث عبادة وأبي الدرداء " لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم أو صلبتم أو حرقتم " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد حدثني سيار بن عبد الرحمن عن يزيد بن قوذر عن سلمة بن شريح عن عبادة بن الصامت قال: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خصال " ألا تشركوا بالله شيئا وإن حرقتم وقطعتم وصلبتم " رواه ابن أبي حاتم. وقوله تعالى " وبالوالدين إحسانا " أي وأوصاكم وأمركم بالوالدين إحسانا أي أن تحسنوا إليهم كما قال تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " وقرأ بعضهم " ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " أي أحسنوا إليهم والله تعالى كثيرا ما يقرن بين طاعته وبر الوالدين كما قال " أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " فأمر بالاحسان إليهما وإن كانا مشركين بحسبهما وقال تعالى " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا " الآية والآيات في هذا كثيرة وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال " الصلاة على وقتها " قلت ثم أي؟ قال " بر الوالدين " قلت ثم أي؟
قال " الجهاد في سبيل الله " قال ابن مسعود: حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه بسنده عن أبي الدرداء وعن عبادة بن الصامت كل منهما يقول أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أطع والديك وإن أمراك أن تخرج لهما من الدنيا فافعل " ولكن في إسناديهما ضعف والله أعلم. وقوله تعالى " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم " لما أوصى تعالى بالوالدين والأجداد عطف على ذلك الاحسان إلى الأبناء والأحفاد فقال تعالى " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق " وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم كما سولت لهم الشياطين ذلك فكانوا يئدون البنات خشية العار وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار ولهذا ورد في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الذنب