والضحاك وقتادة والسدي وعطاء الخراساني وغيرهم " فمستقر " أي في الأرحام قالوا أو أكثرهم " ومستودع " أي في الأصلاب وعن ابن مسعود وطائفة عكسه وعن ابن مسعود أيضا وطائفة فمستقر في الدنيا ومستودع حيث يموت وقال سعيد بن جبير فمستقر في الأرحام وعلى ظهر الأرض وحيث يموت وقال الحسن البصري المستقر الذي قد مات فاستقر به عمله وعن ابن مسعود ومستودع في الدار الآخرة والقول الأول أظهر والله أعلم وقوله تعالى " قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون " أي يفهمون ويعون كلام الله ومعناه وقوله تعالى " وهو الذي أنزل من السماء ماء " أي بقدر مباركا ورزقا للعباد وإحياء وغياثا للخلائق رحمة من الله بخلقه " فأخرجنا به نبات كل شئ " كقوله " وجعلنا من الماء كل شئ " " فأخرجنا منه خضرا " أي زرعا وشجرا أخضر ثم بعد ذلك نخلق فيه الحب والثمر ولهذا قال تعالى " نخرج منه حبا متراكبا " أي يركب بعضه بعضا كالسنابل ونحوها " ومن النخل من طلعها قنوان " أي جمع قنو وهي عذوق الرطب دانية أي قريبة من المتناول كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس " قنوان دانية " يعني بالقنوان الدانية قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض. رواه ابن جرير. قال ابن جرير وأهل الحجاز يقولون قنوان وقيس يقول قنوان قال امرؤ القيس:
فآتت أعاليه وآدت أصوله * ومال بقنوان من البسر أحمرا قال وتميم يقولون قنيان بالياء قال وهي جمع قنو كما أن صنوان جمع صنو وقوله تعالى " وجنات من أعناب " أي ونخرج منه جنات من أعناب وهذا النوعان هما أشرف الثمار عند أهل الحجاز وربما كانا خيار الثمار في الدنيا كما امتن الله بهما على عباده في قوله تعالى " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " وكان ذلك قبل تحريم الخمر وقال " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب " وقوله تعالى " والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه " قال قتادة وغيره متشابه في الورق والشكل قريب بعضه من بعض ومتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا وقوله تعالى " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " أي نضجه قاله البراء بن عازب وابن عباس والضحاك وعطاء الخراساني والسدي وقتادة وغيرهم أي فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك مما خلق سبحانه وتعالى من الألوان والاشكال والطعوم والروائح كقوله تعالى " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل " الآية. ولهذا قال ههنا " إن في ذلكم " أيها الناس " لآيات " أي دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته " لقوم يؤمنون " أي يصدقون به ويتبعون رسله.
وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون (100) هذا رد على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره وأشركوا به في عبادته أن عبدوا الجن فجعلوهم شركاء له في العبادة تعالى الله عن شركهم وكفرهم. فإن قيل فكيف عبدت الجن مع أنهم إنما كانوا يعبدون الأصنام؟ فالجواب أنهم ما عبد وها إلا عن طاعة الجن وأمرهم إياهم بذلك كقوله " إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا * لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " وكقوله تعالى " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " الآية. وقال إبراهيم لأبيه " يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا " وكقوله " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن أعبد وني هذا صراط مستقيم " وتقول الملائكة يوم القيامة " سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " ولهذا قال تعالى " وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم " أي وقد خلقهم فهو الخالق وحده لا شريك له فكيف يعبد معه غيره كقول إبراهيم " أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون " ومعنى الآية. أنه