منعك أن تسجد إذ أمرتك وحرام أنهم يرجعون وتقديره في هذه الآية وما يدريكم أيها المؤمنون الذين تودون لهم ذلك حرصا على إيمانهم أنها إذا جاءتهم الآيات يؤمنون قال بعضهم " أنها " بمعنى لعلها قال ابن جرير وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبي بن كعب. قال وقد ذكر عن العرب سماعا اذهب إلى السوق أنك تشتري لنا شيئا بمعنى لعلك تشتري. قال وقد قيل إن قول عدي بن زيد العبادي من هذا:
أعاذل ما يدريك أن منيتي * إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد وقد اختار هذا القول ابن جرير وذكر عليه شواهد من أشعار العرب والله أعلم. وقوله تعالى " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " قال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شئ وردت عن كل أمر وقال مجاهد في قوله " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم " ونحول بينهم وبين الايمان ولو جاءتهم كل آية فلا يؤمنون كما حلنا بينهم وبين الايمان أول مرة. وكذا قال عكرمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه وقال " ولا ينبئك مثل خبير " جل وعلا وقال " أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله - إلى قوله لو أن لي كرة فأكون من المحسنين " فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى وقال:
" ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " وقال تعالى " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " وقال ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا وقوله " ونذرهم " أي نتركهم " في طغيانهم " قال ابن عباس والسدي في كفرهم وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة في ضلالهم " يعمهون " قال الأعمش يلعبون وقال ابن عباس ومجاهد وأبو العالية والربيع وأبو مالك وغيره في كفرهم يترددون.
* ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون (111) يقول تعالى ولو أننا أجبنا سؤال هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها فنزلنا عليهم الملائكة تخبرهم بالرسالة من الله بتصديق الرسل كما سألوا فقالوا " أو تأتي بالله والملائكة قبيلا " وقالوا لن نؤمن لك حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله " " وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا نزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا " " وكلمهم الموتى " أي فأخبروهم بصدق ما جاءتهم به الرسل " وحشرنا عليهم كل شئ قبلا " قرأ بعضهم قبلا بكسر القاف وفتح الباء من المقابلة والمعاينة وقرأ آخرون بضمهما قيل معناه من المقابلة والمعاينة أيضا كما رواه علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال مجاهد قبلا أي أفواجا قبيلا قبيلا أي تعرض عليهم كل أمة بعد أمة فيخبرونهم بصدق الرسل فيما جاءوهم به " ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله " أي إن الهداية إليه لا إليهم بل يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الفعال لما يريد " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " لعلمه وحكمته وسلطانه وقهره وغلبته وهذه الآية كقوله تعالى " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ".
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون (112) ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون (113) يقول تعالى وكما جعلنا لك يا محمد أعداء يخالفونك ويعادونك ويعاندونك جعلنا لكل نبي من قبلك أيضا أعداء فلا