وأمية وأبي ابنا خلف وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص والأسود بن البختري وبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب قالوا استأذن لنا على أبي طالب فأتى أبا طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك فأذن لهم عليه فدخلوا عليه فقالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا وإن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعه وإلهه فدعاه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أبو طالب هؤلاء قومك وبنو عمك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تريدون؟ " قالوا نريد أن تدعنا وآلهتنا ولندعك وإلهك فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ودانت لكم بها العجم وأدت لكم الخراج " قال أبو جهل وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها قالوا فما هي؟ قال: " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا واشمأزوا قال أبو طالب يا ابن أخي قل غيرها. فإن قومك قد فزعوا منها قال " يا عم ما أنا بالذي يقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي ولو أتوا بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها " إرادة أن يؤيسهم فغضبوا وقالوا لتكفن عن شتم آلهتنا أو لنشتمنك ونشتمن من يأمرك فذلك قوله " فيسبوا الله عدوا بغير علم " ومن هذا القبيل وهو ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها ما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ملعون من سب والديه " قالوا يا رسول الله وكيف يسب الرجل والديه؟ قال " يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " أو كما قال صلى الله عليه وسلم وقوله " كذلك زينا لكل أمة عملهم " أي وكما زينا لهؤلاء القوم حب أصنامهم والمحاماة لها والانتصار كذلك زينا لكل أمة أي من الأمم الخالية على الضلال عملهم الذي كانوا فيه ولله الحجة البالغة والحكمة التامة فيما يشاؤه ويختاره " ثم إلى ربهم مرجعهم " أي معادهم ومصيرهم " فينبئهم بما كانوا يعملون " أي يجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون (109) ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون (110) يقول تعالى إخبارا عن المشركين أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم أي حلفوا أيمانا مؤكدة " لئن جاءتهم آية " أي معجزة وخارق " ليؤمنن بها " أي ليصدقنها " قل إنما الآيات عند الله " أي قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وكفرا وعنادا لا على سبيل الهدى والاسترشاد إنما مرجع هذه الآيات إلى الله إن شاء جاءكم بها وإن شاء ترككم قال ابن جرير حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريش فقالوا يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي شئ تحبون أن آتيكم به؟ " قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا فقال لهم " فإن فعلت تصدقوني؟ " قالوا نعم والله لئن فعلت لنتبعك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فجاءه جبريل عليه السلام فقال له ما شئت إن شئت أصبح من الصفا ذهبا ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل يتوب تائبهم " فأنزل الله تعالى " وأقسموا بالله جهد أيمانهم " إلى قوله تعالى " ولكن أكثرهم يجهلون " وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر. وقال الله تعالى " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " الآية وقوله تعالى " وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون " قيل المخاطب بما يشعركم المشركون وإليه ذهب مجاهد كأنه يقول لهم وما يدريكم بصدقهم في هذه الايمان التي تقسمون بها وعلى هذا فالقراءة " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " بكسر أنها على استئناف الخبر عنهم بنفي الايمان عند مجئ الآيات التي طلبوها وقرأ بعضهم " أنها إذا جاءت لا تؤمنون " بالتاء المثناة من فوق وقيل المخاطب بقوله وما يشعركم المؤمنون يقول وما يدريكم أيها المؤمنون وعلى هذا فيجوز في قوله " أنها " الكسر كالأول والفتح على أنه معمول يشعركم وعلى هذا فتكون لا في قوله " أنها إذا جاءت لا يؤمنون " صلة كقوله " ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك " وقوله " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " أي ما