زخرف القول غرورا " وعلى كل حال فالصحيح ما تقدم من حديث أبي ذر إن للانس شياطين منهم وشيطان كل شئ ما رده ولهذا جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الكلب الأسود شيطان " ومعناه والله أعلم شيطان في الكلاب وقال ابن جريج قال مجاهد في تفسير هذه الآية: كفار الجن شياطين يوحون إلى شياطين الانس كفار الانس زخرف القول غرورا وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال قدمت على المختار فأكرمني وأنزلني حتى كاد يتعاهد مبيتي بالليل قال: فقال لي اخرج إلى الناس فحدثهم قال: فخرجت فجاء رجل فقال: ما تقول في الوحي فقلت الوحي وحيان قال الله تعالى " بما أوحينا إليك هذا القرآن " وقال تعالى " شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " قال فهموا بي أن يأخذوني فقلت لهم: مالكم ذاك إني مفتيكم وضيفكم فتركوني وإنما عرض عكرمة بالمختار وهو ابن أبي عبيد قبحه الله وكان يزعم أنه يأتيه الوحي وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال صدق قال الله تعالى " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم " وقوله تعالى " يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " أي يلقي بعضهم إلى بعض القول المزين المزخرف وهو المزوق الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره " ولو شاء ربك ما فعلوه " أي وذلك كله بقدر الله وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبي عدو من هؤلاء " فذرهم " أي فدعهم " وما يفترون " أي يكذبون أي دع أذاهم وتوكل على الله في عداوتهم فإن الله كافيك وناصرك عليهم، وقوله تعالى " ولتصغى إليه " ولتميل إليه. قاله ابن عباس " أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة " أي قلوبهم وعقولهم وأسماعهم وقال السدي: قلوب الكافرين " وليرضوه " أي يحبوه ويريدوه وإنما يستجيب لذلك من لا يؤمن بالآخرة كما قال تعالى " فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم " وقال تعالى " إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك " وقوله " وليقترفوا ما هم مقترفون " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وليكتسبوا ما هم مكتسبون وقال السدي وابن زيد وليعملوا ما هم عاملون.
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين (114) وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم (115) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين بالله الذين يعبدون غيره " أفغير الله أبتغي حكما " أي بيني وبينكم " وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا " أي مبينا " والذين آتيناهم الكتاب " أي من اليهود والنصارى يعلمون أنه منزل من ربك بالحق أي بما عندهم من البشارات بك من الأنبياء المتقدمين " فلا تكونن من الممترين " كقوله " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " وهذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا أشك ولا أسأل " وقوله تعالى " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " قال قتادة: صدقا فيما قال وعدلا فيما حكم يقول صدقا في الاخبار وعدلا في الطلب فكل ما أخبر به فحق لا مرية فيه ولا شك وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه وكل ما نهى عنه فباطل فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة كما قال تعالى " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر " إلى آخر الآية " لا مبدل لكلماته " أي ليس أحد يعقب حكمه تعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة " وهو السميع " لأقوال عباده " العليم " بحركاتهم وسكناتهم الذي يجازي كل عامل بعمله.
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (116) إن