وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب، فإنه كان شيخا صدوقا، فنسألهم عما تقول: أحق هو؟
فإن فعلت صدقناك، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: " ما بهذا بعثت، وقد أبلغتكم ما أرسلت به "; قالوا:
فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك، وسله أن يجعل لك جنانا، وكنوزا، وقصورا من ذهب وفضة تغنيك; قال: " ما أنا بالذي يسأل ربه هذا "; قالوا: فأسقط السماء علينا كما زعمت بأن ربك إن شاء فعل; فقال: " ذلك إلى الله عز وجل "; فقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا، وقال عبد الله بن أبي أمية: لا أؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلما، وترقى فيه وأنا أنظر، وتأتي بنسخة منشورة معك، ونفر من الملائكة يشهدون لك فانصرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حزينا لما رأى من مباعدتهم إياه، فأنزل الله تعالى: * (وقالوا لن نؤمن لك...) * الآيات، رواه عكرمة عن ابن عباس.
قوله تعالى: * (حتى تفجر) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " حتى تفجر " بضم التاء، وفتح الفاء، وتشديد الجيم مع الكسرة. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " حتى تفجر " بفتح التاء، وتسكين الفاء، وضم الجيم مع التخفيف. فمن ثقل، أراد كثرة الانفجار من الينبوع، ومن خفف، فلأن الينبوع واحد. فأما الينبوع: فهو عين ينبع الماء منها; قال أبو عبيدة: وهو يفعول، من نبع الماء، أي: ظهر وفار.
قوله تعالى: * (أو تكون لك جنة) * أي: بستان * (فتفجر الأنهار) * أي: تفتحها وتجريها * (خلالها) * أي: وسط تلك الجنة.
قوله تعالى: * (أو تسقط السماء) * وقرأ مجاهد، وأبو مجلز، وأبو رجاء، وحميد، والجحدري: " أو تسقط " بفتح التاء، ورفع القاف " السماء " بالرفع.
قوله تعالى: * (كسفا) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " كسفا " بتسكين السين في جميع القرآن إلا في (الروم) فإنهم حركوا السين. وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم بتحريك السين في الموضعين، وفي باقي القرآن بالتسكين. وقرأ ابن عامر هاهنا بفتح السين، وفي باقي القرآن بتسكينها. قال الزجاج: من قرأ " كسفا " بفتح السين، جعلها جمع كسفة، وهي:
القطعة، ومن قرأ " كسفا " بتسكين السين، فكأنهم قالوا: أسقطها طبقا علينا; واشتقاقه من كسفت الشئ: إذا غطيته، يعنون: أسقطها علينا قطعة واحدة. وقال ابن الأنباري: من سكن قال: تأويله:
سترا وتغطية، من قولهم: قد انكسفت الشمس: إذا غطاها ما يحول بين الناظرين إليها وبين أنوارها.
قوله تعالى: * (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) * فيه ثلاثة أقوال: