وأبو الجوزاء، ومحبوب عن أبي عمرو: " السجل " بكسر السين وإسكان الجيم خفيفة. وقرأ أبو السماك كذلك، إلا أنه فتح الجيم.
قوله تعالى: * (للكتاب) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " للكتاب ". وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: " للكتب " على الجمع.
وفي السجل أربعة أقوال:
أحدها: أنه ملك، قاله علي بن أبي طالب، وابن عمر، والسدي.
والثاني: أنه كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والثالث: أن السجل بمعنى: الرجل، روى أبو الجوزاء عن ابن عباس، قال: السجل: هو الرجل. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: وقد قيل: " السجل " بلغة الحبشة: الرجل.
والرابع: أنه الصحيفة. رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والفراء وابن قتيبة. وقرأت على شيخنا أبي منصور، قال: قال أبو بكر، يعني - ابن دريد -: السجل: الكتاب، والله أعلم; ولا ألتفت إلى قولهم: إنه فارسي معرب، والمعنى: كما يطوي السجل على ما فيه من كتاب. و " اللام " بمعنى " على ". وقال بعض العلماء: المراد بالكتاب: المكتوب، فلما كان المكتوب ينطوي بانطواء الصحيفة، جعل السجل كأنه يطوي.
ثم استأنف، فقال تعالى: * (كما بدأنا أول خلق نعيده) * الخلق هاهنا مصدر، وليس بمعنى المخلوق.
وفي معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا، كذلك نعيدهم يوم القيامة; روي عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: " قال يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا كما خلقوا، ثم قال: كما بدأنا أول خل نعيده "; وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد.
والثاني: أن المعنى: إنا نهلك كل شئ كما كان أول مرة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أن السماء تمطر أربعين يوما كمني الرجال، فينبتون بالمطر في قبورهم، كما ينبتون في بطون أمهاتهم، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والرابع: أن المعنى: قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الابتداء، قاله الزجاج.
قوله تعالى: * (وعدا) * قال الزجاج: هو منصوب على المصدر، لأن قوله تعالى: " نعيده " بمعنى: وعدنا هذا وعدا، * (إنا كنا فاعلين) * أي: قادرين على فعل ما نشاء. وقال غيره: إنا كنا فاعلين ما وعدنا.