تكتمون " 110 " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " 111 " قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون " 112 " قوله تعالى: * (فهل أنتم مسلمون) * قال ابن عباس: فهل أنتم مخلصون له العبادة؟ قال أهل المعاني: هذا استفهام بمعنى الأمر.
قوله تعالى: * (فان تولوا) * أي: اعرضوا ولم يؤمنوا * (فقل آذنتكم على سواء) * في معنى الكلام قولان:
أحدهما: نابذتكم وعاديتكم وأعلمتكم ذلك، فصرت أنا وأنتم على سواء قد استوينا في العلم بذلك، وهذا من الكلام المختصر، قاله ابن قتيبة.
والثاني: أعلمتكم بالوحي إلي لتستووا في الإيمان به، قال الزجاج.
قوله تعالى: * (وإن أدري) * أي: وما أدري * (أقريب أم بعيد ما توعدون) * بنزول العذاب بكم. * (إنه يعلم الجهر) * وهو ما يقولونه للنبي صلى الله عليه وسلم " * (متى هذا الوعد) *، و * (ما تكتمون) * إسرارهم أن العذاب لا يكون.
قوله تعالى: * (لعله فتنة لكم) * في هاء " لعله " قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى ما آذنهم به، قاله الزجاج.
والثاني: إلى العذاب; فالمعنى: لعل تأخير العذاب عنكم فتنة، قاله ابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي. ومعنى الفتنة هاهنا: الاختبار، * (ومتاع إلى حين) * أي: تستمعون إلى انقضاء آجالكم. * (قل رب) * وروى حفص عن عاصم: " قال رب " * (احكم) * قرأ أبو جعفر: " رب احكم " بضم الباء. وروى زيد عن يعقوب: " ربي " بفتح الياء " أحكم " بقطع الهمزة وفتح الكاف ورفع الميم. ومعنى " احكم بالحق " أي: بعذاب كفار قومي الذي نزوله حق، فحكم عليهم بالقتل في يوم بدر وفيما بعده من الأيام; والمعنى على هذا: افصل بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق. ومعنى * (على ما تصفون) أي: من كذبكم وباطلكم. وقرأ ابن عامر، والمفضل عن عاصم: " يصفون " بالياء.
فإن قيل: فهل يجوز على الله أن يحكم بغير الحق؟
فالجواب: أن المعنى: احكم بحكمك الحق، كأنه استعجل النصر. عليهم والله أعلم بالصواب.