على الرحمن عتيا) * أي: أعظمهم له معصية، والمعنى: أنه يبدأ بتعذيب الأعتى فالأعتى، وبالأكابر جرما، والرؤوس القادة في الشر. قال الزجاج: وفي رفع " أيهم " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه على الاستئناف، ولم تعمل: " لننزعن " شيئا، هذا قول يونس.
والثاني: أنه على معنى الذي يقال لهم: أيهم أشد على الرحمن عتيا؟ قاله الخليل، واختاره الزجاج، وقال: التأويل: لننزعن الذي من أجل عتوه يقال: أي هؤلاء أشد عتيا؟ وأنشد:
- ولقد أبيت عن الفتاة بمنزل * فأبيت لا حرج ولا محروم - أي: أبيت بمنزلة الذي يقال له: لا هو حرج ولا محرم.
والثالث: أن " أيهم " مبنية على الضم، لأنه خالفت أخواتها، فالمعنى: أيهم هو أفضل.
وبيان خلافها لأخواتها انك تقول: اضرب أيهم أفضل. ولا يحسن: اضرب من أفضل، حتى تقول: من هو أفضل، ولا يحسن: كل ما أطيب، حتى تقول: ما هو أطيب، ولا خذ ما أفضل، حتى تقول: الذي هو أفضل، فلما خالفت " ما " و " من " و " الذي " بنيت على الضم، قاله سيبويه.
قوله تعالى: * (هم أولى بها صليا) * يعني: أن الأولى بها صليا الذين هم أشد عتيا فيبتدأ بهم قبل أتباعهم. و " صليا " منصوب على التفسير، يقال: صلي النار يصلاها: إذا دخلها وقاسى حرها.
قوله تعالى: * (وإن منكم إلا واردها) * في الكلام إضمار تقديره: وما منكم أحد إلا وهو واردها.
وفيمن عني بهذا الخطاب قولان:
أحدهما: أنه عام في حق المؤمن والكافر، هذا قول الأكثرين. وروي عن ابن عباس أنه قال: هذه الآية للكفار. وأكثر الروايات عنه كالقول الأول. قال ابن الأنباري; ووجه هذا أنه لما قال: " لنحضرنهم " وقال " أيهم أشد على الرحمن عتيا " كان التقدير; وإن منهم، فأبدلت الكاف من الهاء، كما فعل في قوله: * (إن هذا كان لكم جزاء) * المعنى: كان لهم، لأنه مردود على قوله: * (وسقاهم ربهم) *، وقال الشاعر:
- شطت مزار العاشقين فأصبحت * عسرا علي طلابك ابنة مخرم - أراد: طلابها. وفي هذا الورود خمسة أقوال:
أحدها: أنه الدخول. روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الورود: الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخله، فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن