معنى " كان " آنفا. و * (عصيا) * أي: عاصيا، فهو " فعيل " بمعنى " فاعل ".
قوله تعالى: * (إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن) * قال مقاتل: في الآخرة; وقال غيره: في الدنيا، * (فتكون للشيطان وليا) * أي: قريبا في عذاب الله، فجرت المقارنة مجرى الموالاة. وقيل: إنما طمع إبراهيم في إيمان أبيه، لأنه حين خرج من النار قاله له: نعم الإله إلهك يا إبراهيم، فحينئذ أقبل يعظه، فأجابه أبوه: * (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) *! أي: أتارك عبادتها أنت؟! * (لئن لم تنته) * عن عيبها وشتمها * (لأرجمنك) * وفيه قولان:
أحدهما: بالشتم والقول، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: بالحجارة حتى تتباعد عني، قاله الحسن.
قوله تعالى: * (واهجرني مليا) * فيه قولان:
أحدهما: اهجرني طويلا، رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والفراء، والأكثرون. قال ابن قتيبة: اهجرني حينا طويلا، ومنه يقال: تمليت حبيبك.
والثاني: اجتنبني سالما قبل أن تصيبك عقوبتي، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والضحاك; فعلى هذا يكون من قولهم: فلام ملي بكذا وكذا: إذا كان مضطلعا به، فالمعنى: اهجرني وعرضك وافر، وأنت سليم من أذاي، قاله ابن جرير.
قوله تعالى: * (قال سلام عليك) * أي: سلمت من أن أصيبك بمكروه، وذلك أنه لم يؤمر بقتاله على كفره، * (سأستغفر لك ربي) * فيه قولان:
أحدهما: أن المعنى: سأسأل الله لك توبة تنال بها مغفرته.
والثاني: أنه وعده الاستغفار وهو لا يعلم أن ذلك محظور في حق المصرين على الكفر، ذكرهما ابن الأنباري.
قوله تعالى: * (إنه كان بي حفيا) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لطيفا، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال ابن زيد، والزجاج.
والثاني: رحيما، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: بارا عودني منه الإجابة إذا دعوته، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: * (وأعتزلكم) * أي: وأتنحى منه عنكم، * (و) * أعتزل * (ما تدعون من دون الله) * يعني الأصنام.
وفي معنى " تدعون " قولان:
أحدهما: تعبدون.
والثاني: أن المعنى: وما تدعونه ربا، * (وأدعو ربي) * أي: وأعبده * (عسى ألا أكون بدعاء