أحدها: أن ظاهر الكلام استفهام، ومعناه معنى جحد وإنكار، تلخيصه: لست مبعوثا بعد الموت.
والثاني: أنه لما استفهم بهذا الكلام عن البعث، أجابه الله عز وجل بقوله: * (أولا يذكر الإنسان) *، فهو مشتمل على معنى: نعم، وأنت مبعوث.
والثالث: أن جواب سؤال هذا الكافر في يس عند قوله عز وجل: * (وضرب لنا مثلا) *، ولا ينكر بعد الجواب، لأن القرآن كله بمنزلة الرسالة الواحدة، والسورتان مكيتان.
قوله تعالى: * (أولا يذكر الإنسان) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بفتح الذال مشددة الكاف. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر: " يذكر " ساكنة الذال خفيفة. وقرأ أبي بن كعب، وأبو المتوكل الناجي: بياء وتاء. وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن: " يذكر " بياء من غير تاء ساكنة الذال مخففة مرفوعة الكاف، والمعنى: أولا يتذكر هذا الجاحد أول خلقه، فيستدل بالابتداء على الإعادة؟! * (فوربك لنحشرنهم) * يعني: المكذبين بالبعث * (والشياطين) * أي: مع الشياطين، وذلك أن كل كافر يحشر مع شيطانه في سلسلة، * (ثم لنحضرنهم حول جهنم) * قال مقاتل: أي: في جهنم، وذلك أن حول الشئ يجوز أن يكون داخله، تقول: جلس القوم حول البيت: إذا جلسوا داخله مطيفين به. وقيل: يجثون حولها قبل أن يدخلوها.
فأما قوله: * (جثيا) * فقال الزجاج: هو جمع جاث، مثل قاعد وقعود، وهو منصوب على الحال، والأصل ضم الجيم، وجاء كسرها اتباعا لكسرة الثاء.
وللمفسرين في معناه خمسة أقوال:
أحدها: قعودا، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: جماعات جماعات، وروي عن ابن عباس أيضا. فعلى هذا هو جمع جثوة وهي المجموع من التراب والحجارة.
والثالث: جثيا على الركب، قاله الحسن، ومجاهد والزجاج.
والرابع: قياما، قاله أبو مالك.
والخامس: قياما على ركبهم، قاله السدي، وذلك لضيق المكان بهم.
قوله تعالى: * (لننزعن من كل شيعة) * أي: لنأخذن من كل فرقة وأمة وأهل دين * (أيهم أشد