إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجب به، فأخبر الله أن لهم في الجنة رزقهم بكرة وعشيا على قدر ذلك الوقت، وليس ثم ليل ولا نهار، وإنما هو ضوء ونور. وروى الوليد بن مسلم، قال: سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى: * (بكرة وعشيا) * فقال: ليس في الجنة ليل ولا نهار، هم في نور أبدا، ولهم مقدار الليل والنهار، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
قوله تعالى: * (تلك الجنة) * الإشارة إلى قوله * (فأولئك يدخلون الجنة) *.
قوله تعالى: * (نورث) * وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والشعبي، وقتادة، وابن أبي عبلة: بفتح الواو وتشديد الراء. قال المفسرون: ومعنى " نورث " نعطي، فيكون كالميراث لهم من جهة أنها تمليك مستأنف. وقد شرحنا هذا في [سورة] الأعراف.
قوله تعالى: * (وما نتنزل إلا بأمر ربك) * وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر: " وما يتنزل " بياء مفتوحة.
وفي سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلو قال: " يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا "، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أن الملك أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه، قال: " قد فعلت "، قال: وما لي لا أفعل، وأنتم لا تتسوكون، ولا تقصون أظفاركم، ولا تنقون براجمكم، فنزلت الآية، قاله مجاهد. قال ابن الأنباري: البراجم عند العرب: الفصوص التي في ظهور الأصابع، تبدو إذا جمعت، وتغمض إذا بسطت. والرواجب: ما بين البراجم، بين كل برجمتين راجبة.
والثالث: أن جبريل احتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، والروح، فلم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيه جبريل بجواب، فأبطأ عليه، فشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة شديدة، فلما نزل جبريل قال له: " أبطأت علي حتى ساء ظني، واشتقت إليك " فقال جبريل: إني كنت أشوق، ولكني عبد مأمور، إذا بعثت نزلت، وإذا حبست احتبست، فنزلت هذه الآية، قاله عكرمة، وقتادة، والضحاك.
وفي سبب احتباس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولان:
أحدهما: لامتناع أصحابه من كمال النظافة، كما ذكرنا في حديث مجاهد.