إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " 35 " وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " 36 " قوله تعالى: * (ذلك عيسى بن مريم) * قال الزجاج: أي، ذلك الذي قال: إني عبد الله، هو ابن مريم، لا ما تقول النصارى: إنه ابن الله، وإنه إله.
قوله تعالى: * (قول الحق) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: " قول الحق " برفع اللام. وقرأ عاصم، وابن عامر، ويعقوب: بنصب اللام. قال الزجاج: من رفع " قول الحق " فالمعنى: هو قول الحق، يعني هذا الكلام; ومن نصب، فالمعنى: أقول قول الحق. وذكر ابن الأنباري في الآية وجهين:
أحدهما: أنه لما وصف بالكلمة جاز أن ينعت بالقول.
والثاني: أن في الكلام إضمارا، تقديره: ذلك نبأ عيسى، ذلك النبأ قول الحق.
قوله تعالى: * (الذي فيه يمترون) أي: يشكون. قال قتادة: امترت اليهود فيه والنصارى، فزعم اليهود أنه ساحر، وزعم النصارى انه ابن الله وثالث ثلاثة. قرأ أبو مجلز، ومعاذ القارئ، وابن يعمر، وأبو رجاء: " تمترون " بالتاء.
قوله تعالى: * (ما كان لله أن يتخذ من ولد) * قال الزجاج: المعنى: أن يتخذ ولدا. و " من " مؤكدة تدل على نفي الواحد والجماعة، أن للقائل أن يقول: ما اتخذت فرسا، يريد: اتخذت أكثر من ذلك، وله أن يقول: ما اتخذت فرسين ولا أكثر، يريد: اتخذت فرسا واحدا; فإذا قال: ما اتخذت من فرس، فقد دل على نفي الواحد والجميع.
قوله تعالى: * (كن فيكون) * وقرأ أبو عمران الجوني، وابن أبي عبلة: " فيكون " بالنصب، وقد ذكرنا وجهه في [سورة] البقرة.
قوله تعالى: * (وإن الله ربي وربكم) * قرأ ابن كثير، ونافع; وأبو عمرو: " وأن الله " بنصب الألف، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " وإن الله " بكسر الألف. وهذا من قول عيسى; فمن فتح، عطفه على قوله: * (وأوصاني بالصلاة والزكاة) * وبأن الله ربي; ومن كسر، ففيه وجهان:
أحدهما: أن يكون معطوفا على قوله: * (إني عبد الله) *.
والثاني: أن يكون مستأنفا.