أحدهما: ناداها الملك من تحت النخلة. وقيل: كانت على نشز، فناداها الملك أسفل منها.
والثاني: ناداها عيسى لما خرج من بطنها. قال ابن عباس: كل ما رفعت إليه طرفك، فهو فوقك، وكل ما خفضت إليه طرفك، فهو تحتك. ومن قرأ من تحتها بفتح الميم، ففيه الوجهان المذكوران، وكان الفراء يقول: ما خاطبها إلا الملك على القراءتين جميعا.
قوله تعالى: * (قد جعل ربك تحتك سريا) * فيه قولان:
أحدهما: أنه النهر الصغير، قاله جمهور المفسرين، واللغويون، قال أبو صالح، وابن جريج:
هو الجدول بالسريانية.
والثاني: أنه عيسى كان سريا من الرجال، قاله الحسن، وعكرمة، وابن زيد، قال ابن الأنباري:
وقد رجع الحسن عن هذا القول إلى القول الأول، ولو كان وصفا لعيسى، كان غلاما سريا أو سريا من الغلمان، وقلما تقول العرب: رأيت عندك نبيلا، حتى يقولوا: رجلا نبيلا.
فإن قيل: كيف ناسب تسليتها أن قيل: لا تحزني، فهذا نهر يجري؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنها حزنت لجدب مكانها الذي ولدت فيه، وعدم الطعام والشراب والماء الذي يتطهر به، فقيل: لا تحزني قد أجرينا لك نهرا، وأطلعنا لك رطبا، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنها حزنت لما جرى عليها من ولادة ولد عن غير زوج، فأجرى الله تعالى لها نهرا، فجاءها من الأردن، وأخرج لها الرطب من الشجرة اليابسة، فكان ذلك آية تدل على قدرة الله عز وجل في إيجاد عيسى، قاله مقاتل.
قوله تعالى: * (وهزي إليك) * الهز: التحريك.
والباء في قوله تعالى: * (بجذع النخلة) * فيها قولان:
أحدهما: أنها زائدة، كقوله تعالى: * (فليمدد بسبب إلى السماء) * قال الفراء: معناه: فليمدد سببا. والعرب تقول: هزه، وهز به، وخذ الخطام وخذ بالخطام، وتعلق زيدا وتعلق به.
والثاني: أنها مؤكدة كقول الشاعر:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج هذا مذهب أبي عبيدة.
والثالث: أنها دخلت على الجذع لتلصقه بالهز، فهي مفيدة للالصاق، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى: * (تساقط) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " تساقط " بالتاء مشددة السين، وقرأ حمزة، وعبد الوارث: " تساقط " بالتاء مفتوحة مخففة