لهم بعد موته؟ جوابان:
أحدهما: أنه لما كان نبيا، والنبي لا يورث، خاف أن يرثوا ماله فيأخذوا مالا يجوز لهم.
والثاني: أنه غلب عليه طبع البشر، فأحب أن يتولى ماله ولده، ذكرهما ابن الأنباري.
قلت: وبيان هذا أنه لا بد أن يتولى ماله وإن ولم يكن ميراثا، فأحب أن يتولاه ولده.
والقول الثاني: أنه خاف تضييعهم للدين ونبذهم إياه، ذكره جماعة من المفسرين.
وقرأ عثمان، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو، وابن جبير، ومجاهد، وابن أبي سرح عن الكسائي: " خفت " بفتح الخاء وتشديد الفاء على معنى " قلت "; فعلى هذا يكون إنما خاف على علمه ونبوته ألا يورثا فيموت العلم. وأسكن ابن شهاب الزهري ياء " الموالي ".
قوله تعالى: * (من ورائي) * أسكن الجمهور هذه الياء، وفتحها ابن كثير في رواية قنبل.
وروى عنه شبل: " وراي " مثل " عصاي ".
قوله تعالى: * (فهب لي من لدنك) * أي: من عندك * (وليا) * أي: ولدا صالحا يتولاني.
قوله تعالى: * (يرثني ويرث من آل يعقوب) * قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: " يرثني ويرث " برفعهما. وقرا أبو عمرو، والكسائي: " يرثني ويرث " بالجزم فيهما. قال أبو عبيدة: من قرأ بالرفع، فهو على الصفة للولي; فالمعنى: هب لي وليا وارثا، ومن جزم، فعلى الشرط والجزاء، كقولك: إن وهبته إن وهبته لي ورثني.
وفي: المراد بهذا الميراث أربعة أقوال:
أحدها: يرثني مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال أبو صالح.
والثاني: يرثني العلم، ويرث من آل يعقوب الملك، فأجابه الله تعالى إلى وراثة العلم دون الملك، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: يرثني نبوتي وعلمي، ويرث من آل يعقوب النبوة أيضا، قاله الحسن.
والرابع: يرثني النبوة، ويرث من آل يعقوب الأخلاق، قاله عطاء. قال مجاهد: كان زكريا