آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا " 21 " قوله تعالى: * (واذكر في الكتاب) * يعني: القرآن * (مريم إذ انتبذت) * قال أبو عبيدة: تنحت واعتزلت * (مكانا شرقيا) * مما يلي المشرق، وهو عند العرب خير من الغربي.
قوله تعالى: * (فاتخذت من دونهم) * يعني: أهلها * (حجابا) * أي: سترا وحاجزا وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ضربت سترا، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أن الشمس أظلتها، فلم يرها أحد منهم، وذلك مما سترها الله به، وهذا المعنى عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أنها اتخذت حجابا من الجدران، قاله السدي عن أشياخه وفي سبب انفرادها عنهم قولان:
أحدهما: أنها انفردت لتطهر من الحيض وتمتشط، قاله ابن عباس.
والثاني: لتفلي رأسها، قاله عطاء.
قوله تعالى: * (فأرسلنا إليها روحنا) * وهو جبريل في قول الجمهور. وقال ابن الأنباري:
صاحب روحنا، وهو جبريل. والروح بمعنى: الروح والفرح، ثم تضم الراء لتحقيق مذهب الاسم، وإبطال طريق المصدر، ويجوز أن يراد بالروح هاهنا: الوحي وجبريل صاحب الوحي.
وفي وقت مجيئه إليها ثلاثة أقوال:
أحدها: وهي تغتسل.
والثاني: بعد فراغها، ولبسها الثياب.
والثالث: بعد دخولها بيتها. وقد قيل: المراد بالروح هاهنا: الروح الذي خلق منه عيسى، حكاه الزجاج، والماوردي، وهو مضمون كلام أبي بن كعب فيما سنذكره عند قوله: * (فحملته) * قال ابن الأنباري: وفيه بعد، لقوله: * (فتمثل لها بشرا سويا) * والمعنى: تصور لها في صورة البشر التام الخلقة. وقال ابن عباس: جاءها في صورة شاب أبيض الوجه جعد قطط حين طر شاربه. وقرأ أبو نهيك وأبو حيوة: " فأرسلنا إليها روحنا " بفتح الراء.
قوله تعالى: * (قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) * المعنى: إن كنت تتقي الله،