أحدها: أنه وسخ الظفر، قاله الخليل.
والثاني: وسخ الأذن، قاله الأصمعي.
والثالث: قلامة الظفر، قاله ثعلب.
والرابع: أن " الأف " الاحتقار والاستصغار، من " الأفف "، والأفف عند العرب: القلة، ذكره ابن الأنباري.
والخامس: أن " الأف " ما رفعته من الأرض من عود أو قصبة، حكاه ابن فارس اللغوي.
وقرأت على شيخنا أبي منصور قال: معنى " الأف ": النتن، والتضجر، وأصلها: نفخك الشئ يسقط عليك من تراب ورماد، وللمكان تريد إماطة الأذى عنه، فقيلت لكل مستثقل، قلت: وأما قولهم: " تف "، فقد جعلها قوم بمعنى " أف "، فروي عن أبي عبيد أنه قال: أصل " الأف " و " التف ": الوسخ على الأصابع إذا فتلته. وحكى ابن الأنباري فرقا، فقال: قال اللغويون: أصل " الأف " في اللغة: وسخ الأذن، و " التف ": وسخ الأظفار، فاستعملتهما العرب فيما يكره ويستقذر ويضجر منه. وحكى الزجاج فرقا آخر، فقال: قد قيل: إن " أف ": وسخ الأظفار، و " التف ":
الشئ الحقير، نحو وسخ الأذن، أو الشظية تؤخذ من الأرض، ومعنى " أف ": النتن، ومعنى الآية:
لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما إذا كبرا وأسنا، فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وخدمتك، * (ولا تنهرهما) * أي: لا تكلمهما ضجرا صائحا في وجوههما. وقال عطاء ابن أبي رباح: لا تنفض يدك عليهما، يقال: نهرته أنهره نهرا، وانتهرته انتهارا، بمعنى واحد، وقال ابن فارس: نهرت الرجل وانتهرته مثل: زجرته. قال المفسرون: وإنما نهى عن أذاهما في الكبر، وإن كان منهيا عنه على كل حال، لأن حالة الكبر يظهر فيها منهما ما يضجر ويؤذي، وتكثر خدمتهما.
قوله تعالى: * (وقل لهما قولا كريما) * أي: لينا لطيفا أحسن ما تجد. وقال سعيد بن المسيب:
قول العبد المذنب للسيد الفظ.
قوله تعالى: * (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) * أي: ألن لهما جانبك متذللا لهما من رحمتك إياهما. وخفض الجناح قد شرحناه في الحجر. قال عطاء: جناحك: يداك، فلا ترفعهما على والديك. والجمهور يضمون الذال من " الذل " وقرأ أبو رزين، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعاصم الجحدري، وابن أبي عبلة: بكسر الذال. قال الفراء الذل: أن تتذلل لهما، من الذل والذل، أن تتذلل ولست بذليل في الخلق والذل والذلة: مصدر الذليل، والذل بالكسر:
مصدر الذلول، مثل الدابة والأرض. قال ابن الأنباري: من قرأ " الذل " بكسر الذال، جعله بمعنى