قوله تعالى: * (سبحان) * روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن تفسير " سبحان الله "، فقال:
" تنزيه الله عن كل سوء "، وقد ذكرنا هذا المعنى في البقرة قال الزجاج: و " أسري ":
بمعنى: سير عبده، يقال: أسريت وسريت: إذا سرت ليلا. وقد جاءت اللغتان في البقرة، قال الله تعالى: * (والليل إذا يسر) *.
وفي معنى التسبيح ها هنا قولان:
أحدهما: أن العرب تسبح عند الأمر المعجب، فكأن الله تعالى عجب العباد مما أسدى إلى رسوله من النعمة.
والثاني: أن يكون خرج مخرج الرد عليهم، لأنه لما حدثهم بالاسراء، كذبوه، فيكون المعنى: تنزه الله أن يتخذ رسولا كذابا. ولا خلاف أن المراد بعبده هاهنا: محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي قوله تعالى: * (من المسجد الحرام) * قولان:
أحدهما: أنه أسري به من نفس المسجد، قاله الحسن، وقتادة، ويسنده حديث مالك بن صعصعة، وهو في " الصحيحين " " بينما أنا في الحطيم " وربما قال بعض الرواة: في " الحجر ".
والثاني: أنه أسري به من بيت أم هانئ، وهو قول أكثر المفسرين، فعلى هذا يعني بالمسجد الحرام. والحرم كله مسجد، ذكره القاضي أبو يعلى وغيره.
فأما * (المسجد الأقصى) * فهو بيت المقدس، وقيل له: الأقصى، لبعد المسافة بين المسجدين. ومعنى * (باركنا حوله) *: أن الله أجرى حوله الأنهار، وأنبت الثمار. وقيل: لأنه مقر الأنبياء، ومهبط الملائكة.
واختلف العلماء، هل دخل بيت المقدس، أم لا؟ فروى أبو هريرة أنه دخل بيت المقدس، وصلى فيه بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء. وقال حذيفة بن اليمان: لم يدخل بيت المقدس ولم يصل فيه، ولا نزل عن البراق حتى عرج به.
فإن قيل: ما معنى قوله [تعالى]: * (إلى المسجد الأقصى) * وأنتم تقولون: صعد إلى السماء؟
فالجواب: أن الإسراء كان إلى هنالك، والمعراج كان من هنالك.
وقيل: إن الحكمة في ذكر ذلك، أنه لو أخبر بصعوده إلى السماء في بدء الحديث، لاشتد