قوله تعالى: * (فأردت أن أعيبها) * أي: أجعلها ذات عيب، يعني بخرقها، * (وكان وراءهم) * فيه قولان:
أحدهما: أمامهم، قاله ابن عباس، وقتادة، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. وقرأ أبي بن كعب، وابن مسعود: " وكان أمامهم ملك ".
والثاني: خلفهم; قال الزجاج: وهو أجود الوجهين. فيجوز أن يكون رجوعهم في طريقهم كان عليه، ولم يعلموا بخبره، فأعلم الله تعالى الخضر خبره.
قوله تعالى: * (يأخذ كل سفينة غصبا) * أي: كل سفينة صالحة. وفي قراءة أبي بن كعب:
" كل سفينة صحيحة " قال الخضر: إنما خرقتها، لأن الملك إذا رآها منخرقة تركها ورقعها أهلها فانتفعوا بها.
قوله تعالى: * (وأما الغلام) * روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: " وأما الغلام فكان كافرا ".
وروى أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا ". قال الربيع بن أنس: كان الغلام على الطريق لا يمر به أحد إلا قتله أو غصبه، فيدعو ذلك عليه وعلى أبويه. وقال ابن السائب: كان الغلام لصا، فإذا جاء من يطلبه حلف أبواه أنه لم يفعل.
قوله تعالى: * (فخشينا) * في القائل لهذا قولان 6 أحدهما: الله عز وجل. ثم في معنى الخشية المضافة إليه قولان: أحدهما: أنها بمعنى: العلم.
قال الفراء: معناه: فعلمنا. والثاني: الكراهة، قاله الأخفش، والزجاج، وقال ابن عقيل: المعني: فعلنا فعل الخاشي.
والثاني: أنه الخضر، فتكون الخشية بمعنى الخوف للأمر المتوهم، قاله ابن الأنباري. وقد استدل بعضهم على أنه من كلام الخضر بقوله: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما) *. قال الزجاج:
المعنى: فأراد الله، لأن لفظ الخبر عن الله تعالى هكذا أكثر من أن يحصى. ومعنى * (يرهقهما) *:
يحملهما على الرهق، وهو الجهل. قال أبو عبيدة: " يرهقهما ": يغشيهما. قال سعيد بن جبير:
خشينا أن يحملهما حبه على أن يدخلا في دينه. وقال الزجاج: فرحا به حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فرضي امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره، خير له من قضائه.
قوله تعالى: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما) * قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم: " أن يبدلهما "