وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف، بفتح الصاد والدال جميعا، وهي لغة تميم، واختارها ثعلب. وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء; وابن يعمر: " الصدفين " بفتح الصاد ورفع الدال. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو عمران، والزهري، والجحدري برفع الصاد وفتح الدال. قال ابن الأنباري:
ويقال: صدف، على مثال نغر، وكل هذه لغات في الكلمة. قال أبو عبيدة: الصدفان: جنبا الجبل.
قال الأزهري: يقال لجانبي الجبل: صدفان، إذا تحاذيا، لتصادفهما، أي: لتلاقيهما. قال المفسرون: حشا ما بين الجبلين بالحديد، ونسج بين طبقات الحديد الحطب والفحم، ووضع عليها المنافيخ، ثم * (قال انفخوا) * فنفخوا * (حتى إذا جعله) * يعني: الحديد، وقيل: الهاء ترجع إلى ما بين الصدفين * (نارا) * أي: كالنار، لأن الحديد إذا أحمي بالفحم والمنافيخ صار كالنار، * (قال آتوني) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: " آتوني " ممدودة، والمعنى:
أعطوني، وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم: " إيتوني " مقصورة; والمعنى: جيئوني به أفرغه عليه.
وفي القطر أربعة أقوال:
أحدها: أنه النحاس، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والفراء، والزجاج.
والثاني: أنه الحديد الذائب، قاله أبو عبيدة.
والثالث: الصفر المذاب، قاله مقاتل.
والرابع: الرصاص، حكاه ابن الأنباري. قال المفسرون: أذاب القطر ثم صبه عليه، فاختلط والتصق بعضه ببعض حتى صار جبلا صلدا من حديد وقطر. قال قتادة: فهو كالبرد المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء.
قوله تعالى: * (فما اسطاعوا) * أصله: فما " استطاعوا " فلما كانت التاء والطاء من مخرج واحد أحبوا التخفيف فحذفوا. قال ابن الأنباري: إنما تقول العرب: اسطاع، تخفيفا، كما قالوا:
سوف يقوم، أو سو يقوم، فأسقطوا الفاء.
قوله تعالى: * (أن يظهروه) * أي: يعلوه; يقال: ظهر فلان فوق البيت: إذا علاه، والمعنى:
ما قدروا أن يعلوه لارتفاعه واملاسه * (وما استطاعوا له نقبا) * من أسفله، لشدته وصلابته. وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا، فستحفرونه غدا، فيعدون إليه، فيرونه كأشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله عز وجل أن يبعثهم على الناس، حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا، فستحفرونه غدا إن شاء الله، ويستثني، فيعودون إليه وهو