لعجل لهم العذاب لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا " 58 " وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا " 59 " قوله تعالى: * (ويجادل الذين كفروا بالباطل) * قال ابن عباس: يريد: المستهزئين والمقتسمين وأتباعهم. وجدالهم بالباطل: أنهم ألزموه أن يأتي بالآيات على أهوائهم * (ليدحضوا به الحق) * أي:
ليبطلوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: جدالهم: قولهم: * (أإذا كنا عظاما ورفاتا) *; * (أإذا ضللنا في الأرض) * ونحو ذلك ليبطلوا به ما جاء في القرآن من ذكر البعث والجزاء. قال أبو عبيدة: ومعنى " ليدحضوا " ليزيلوا ويذهبوا يقال مكان دحض أي: مزل لا يثبت فيه قدم ولا حافر.
قوله تعالى: * (واتخذوا آياتي) * يعني القرآن * (وما أنذروا) * أي: خوفوا به من النار والقيامة * (هزوا) * أي مهزوءا [به].
قوله تعالى: * (ومن أظلم) * قد شرحنا هذه الكلمة في البقرة و * (ذكر) * بمعنى: وعظ.
وآيات ربه: القرآن، وأعراضه عنها: تهاونه بها. * (ونسي ما قدمت يداه) * أي: ما سلف من ذنوبه؛ وقد شرحنا ما بعد هذا في الأنعام إلى قوله: * (وإن تدعهم إلى الهدى) * وهو: الإيمان والقرآن * (فلن يهتدوا) * هذا اخبار عن علمه فيهم.
قوله تعالى: * (وربك الغفور ذو الرحمة) * إذ لم يعاجلهم بالعقوبة * (بل لهم موعد) * للبعث والجزاء * (لن يجدوا من دونه موئلا) * قال الفراء: الموئل: المنجى، وهو الملجأ في المعنى، لأن المنجي ملجأ، والعرب تقول: إنه ليوائل إلى موضعه، أي: يذهب إلى موضعه قال الشاعر:
لا واءلت الرحمن نفسك خليتها * للعامريين، ولم تكلم يريد: لا نجت نفسك، وأنشد أبو عبيدة للأعشى:
وقد أخالس رب البيت غفلته * وقد يحاذر مني ثم ما يئل أي: ما ينجو. وقال ابن قتيبة: الموئل: الملجأ يقال: وأل فلان إلى كذا: إذا لجأ.
فان قيل: ظاهر هذه الآية يقتضي أن تأخير العذاب عن الكفار برحمة الله، ومعلوم أنه لا نصيب لهم في رحمته.
فعنه جوابان:
أحدهما: أن الرحمة هاهنا بمعنى النعمة ونعمة الله لا يخلو منها مؤمن ولا كافر. فأما